2 - وإن وقع ممن يكون له عسكر وشوكة، حاربه الإمام كما يحارب الفئة الباغية،ويقاتل قتال المرتدين كما حارب أبو بكر رضي الله عنه ما نعي الزكاة وكذا القوم لو اجتمعوا على ترك الأذان، وترك دفن الموتى، فإنه يفعل بهم ما ذكرناه،
3 - أمامن يكون مستبيحاً للربا، مصراً على ذلك،يقاتل ومعنى الآية: فإن لم تنتهوا حاربكم النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: المعنى: فأنتم حرب الله ورسوله، أي: أعداء
- ونقل البغوي: قال أهل المعاني: حرب الله: النار وحرب رسول الله: السيف.
- وقال الزمخشري: وهو من الأذن، وهو الاستماع، لأنه من طريق العلم
- ونقل ابن عطية عن القاضي:وهي عندي من الإذن، وإذا أذن المرء في شيء فقد قرره وبنى مع نفسه عليه، فكأنه قال لهم فقرروا الحرب بينكم وبين الله ورسوله، ملزمهم من لفظ الآية أنهم مستدعو الحرب والباغون بها، إذ هم الآذنون بها وفيها، ويندرج في هذا المعنى الذي ذكرته علمهم بأنهم حرب وتيقنهم لذلك،
- أما سيد قطب في الظلال فله كلام جميل:
(: يا للهول! حرب من الله ورسوله. . حرب تواجهها النفس البشرية. . حرب رهيبة معروفة المصير، مقررة العاقبة. . فأين الإنسان الضعيف الفاني من تلك القوة الجبارة الساحقة الماحقة؟!
ولقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامله على مكة بعد نزول هذه الآيات التي نزلت متأخرة أن يحارب آل المغيرة هناك إذا لم يكفوا عن التعامل الربوي. وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - في خطبته يوم فتح مكة بوضع كل ربا في الجاهلية - وأوله ربا عمه العباس - عن كاهل المدينين الذي ظلوا يحملونه إلى ما بعد الإسلام بفترة طويلة، حتى نضج المجتمع المسلم، واستقرت قواعده، وحان أن ينتقل نظامه الاقتصادي كله من قاعدة الربا الوبيئة. وقال - صلى الله عليه وسلم - في هذه الخطبة:
«وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين. وأول ربا أضع ربا العباس. .» ولم يأمرهم برد الزيادات التي سبق لهم أخذها في حالة الجاهلية.
فالإمام مكلف - حين يقوم المجتمع الإسلامي - أن يحارب الذين يصرون على قاعدة النظام الربوي، ويعتون عن أمر الله، ولو أعلنوا أنهم مسلمون. كما حارب أبو بكر - رضي الله عنه - مانعي الزكاة، مع شهادتهم أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامتهم للصلاة. فليس مسلماً من يأبى طاعة شريعة الله، ولا ينفذها في واقع الحياة!
على أن الإيذان بالحرب من الله ورسوله أعم من القتال بالسيف والمدفع من الإمام. فهذه الحرب معلنة - كما قال أصدق القائلين - على كل مجتمع يجعل الربا قاعدة نظامه الاقتصادي والاجتماعي. هذه الحرب معلنة في صورتها الشاملة الداهمة الغامرة. وهي حرب على الأعصاب والقلوب. وحرب على البركة والرخاء. وحرب على السعادة والطمأنينة. . حرب يسلط الله فيها بعض العصاة لنظامه ومنهجه على بعض. حرب المطاردة والمشاكسة. حرب الغبن والظلم. حرب القلق والخوف. . وأخيراً حرب السلاح بين الأمم والجيوش والدول. الحرب الساحقة الماحقة التي تقوم وتنشأ من جراء النظام الربوي المقيت. فالمرابون أصحاب رؤوس الأموال العالمية هم الذين يوقدون هذه الحروب مباشرة أو عن طريق غير مباشر. وهم يلقون شباكهم فتقع فيها الشركات والصناعات. ثم تقع فيها الشعوب والحكومات. ثم يتزاحمون على الفرائس فتقوم الحرب! أو يزحفون وراء أموالهم بقوة حكوماتهم وجيوشها فتقوم الحرب! أو يثقل عبء الضرائب والتكاليف لسداد فوائد ديونهم، فيعم الفقر والسخط بين الكادحين والمنتجين، فيفتحون قلوبهم للدعوات الهدامة فتقوم الحرب! وأيسر ما يقع - إن لم يقع هذا كله - هو خراب النفوس، وانهيار الأخلاق، وانطلاق سعار الشهوات، وتحطم الكيان البشري من أساسه، وتدميره بما لا تبلغه أفظع الحروب الذرية الرعيبة!
¥