أخى:لاشك أنهم جهابذة، ولكنهم بشر قد يصيبوا ويخطئوا وهكذا ............ مثال: ذكر الإمامان المالقى وابن الجزرى في باب وقف حمزة وهشام في الهمزة المتطرفة التى قبلها ياء أو واو زائدتان "برئ، والنسئ، بالنسبة للياء ـــ وقروء للواو .. ثم قال المالقى:لاغير، وابن الجزرى قال ليس في القرآن غيرهم .. ونسيا كلمة " درئ" على قراءة حمزة هل نقول أن "درئ " ليس من هذا الباب لأنهما حصرا المواضع؟ فالسهو والخطأ لاينجوا منهما عالم
فلا إشكال ـ رغم دقتهم وعلمهم ـ أن يسهو أو ينسوا شيئا كهذه، وانظر إلى شرح السخاوى تجده في كثير من الأحيان يشرح البيت ولا ينسب القراءة إلى أصحابها لأنها بالنسبة إليهم معلومة لا تحتاج إلي بيان .... إذا ليس هذا بغريب ...
ثانياً:قال الشيخ: إنّ الغنّة هي في ذاتها صفة لازمة فكيف توصف بصفة أخرى عارضة كالتفخيم والترقيق ومن المعلوم أنّ الحروف هي التي توصف كما قال بن الجزري " وهو إعطاء الحروف حقّها من صفة لها ومستحقها " ولا شكّ أن الضمير في كلمتي حقّها ومستحقّها يعود على الحروف لا على الصفات
وهذا نص صريح أنّ الصفات لا توصف لأنّها هي بذاتها صفة الحرف وإنّما الحروف هي التي توصف. ا.هـ
أخى: تغير درجة الإخفاء بحسب البعد والقرب يؤدى إلي تغير بسيط فى الغنة تارة قريبة من الإظهار وتارة إلى الإدغام وتارة بين بين .. فما المانع أن تتأثر الغنة بما بعدها من الحروف؟ فالغنة لها مخرج خاص بها تغاير سائر الصفات، والغنة تارة تنتقل إلى الفم، وتارة إلى الخيشوم .. كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ
ثالثاً: أن النون المخفاة ولو صارت مخفاة فلا يجوز تفخيم صوتها بأي حال كما قال ابن الجزري: " ورققن مستفلاً من أحرف " إلاّ الراء واللام والألف التي لا توصف بتفخيم ولا بترقيق بل هي تابعة لما قبلها. ولو كانت النون المخفاة تُفخّم لسبقنا إلى هذا القول جهابذة أهل هذا الفنّ الذين ما تركوا صغيرة ولا كبيرة في هذا العلم إلاّ أحصوها ا. هـ
أخي: الغنة هي التي تفخم لا الحرف، لأن في حالة الإخفاء انتقلت النون إلى الخيشوم فأصبح التعامل مع الغنة وليس مع الحرف، وهذا ظاهر ..
وأما قولك: إلاّ الراء واللام والألف التي لا توصف بتفخيم ولا بترقيق بل هي تابعة لما قبلها. فهذه مسألة مختلف فيها فالكثرة على أن الألف هي فقط التي لا توصف بتفخيم أو ترقيق، وفي بحث الراءات ستري أن الراجح التفخيم في الراء ـ إن شاء الله ـ ... والجزء الأخير قد أجيب عنه في " أولا"
رابعاً: التفخيم معناه النطق بالحرف مفخّماً بحيث يمتلأ الفم بصدى الحرف وعلى هذا التعريف إذا فخّمنا الغنّة تفخيماً كما نفخّم حروف الاستعلاء فصوتها يخرج مفخّم مبالَغاً إذ يستوي مع تفخيم حروف الاستعلاء وهذا يحتاج إلى دليل ولا يكون بمجرّد رأي ا. هـ.
أخي: التفخيم له مراتبه هل نصل بالطاء المكسورة مثلا إلى نفس درجة الغين مثلا أو القاف، فليس معنى تفخيم الغنة أن نجعلها كتفخيم حروف الاستعلاء
كما أن مقدار الغنة حركتين، ليس كحركتي حروف المد في الزمن .. وإن تشابها في اللفظ بـ (حركتين) كما شبههما ابن الجزرى من باب التقريب.
خامساً: إن كان دليل من قال بتفخيم الغنّة وترقيقها هو التلقّي فنقول كم من مسألة اجتهادية صارت فيما بعد من المُتلقّى بالسند كمسألة الفرجة في الميم المخفاة والإقلاب وغيرها فالعبرة بالنص والدليل لأنّ النصّ لا يتغيّر مهما طال الأمد بخلاف التلقّي الذي قد يعتريه شيء من التغيير مع مرّ الزمان وما نسمعه اليوم من المخالفات للنصوص والكتب القديمة دلالة على ذلك، فالتلقي الصحيح المعتبر لا بدّ أن يكون موافقاً للنصوص المعتبرة في هذا الفنّ. والحمد لله أنّه تعالى يسخّر في كلّ زمان علماء يحققون في المسائل ويرجعون إلى المصادر والينابيع الأصلية ليبيّنوا للناس الحق.
¥