وعلل سيبويه لغنة الإخفاء قائلا: وتكون النون مع سائر حروف الفم حرفا خفيا مخرجه من الخياشيم وذلك أنها من حروف الفم وأصل الإدغام لحروف الفم لأنها أكثر الحروف فلما وصلوا إلى أن يكون لها مخرج من غير الفم كان أخف عليهم ألا يستعملوا ألسنتهم إلا مرة واحدة وكان العلم بها أنها نون من ذلك الموضوع كالعلم بها وهى من الفم لأنه ليس حرف يخرج من ذلك الموضوع غيرها فاختاروا الخفة لذلك إذ لم يكن لبس وكان أصل الإدغام وكثرة الحروف للفم وذلك قولك: من كان .... ا. هـ 4/ 454
فانظر معي فى قول سيبويه فى تفريقه بين غنة الإدغام والإخفاء فى الإدغام قال: ... ولكن صوت الفم أشرب غنة .. وفى الإخفاء قال: .. وتكون النون مع سائر حروف الفم حرفا خفيا مخرجه من الخياشيم .......
وقال مكي: ....... فأمسكت أنفك عند اللفظ بذلك لتغير لفظ النون والتنوين ....
وقوله تغير اللفظ: أي لم تنعدم الغنة تماما ولكن تغير الصوت، وحديثه عن الإخفاء ودليله فى الأمثلة" منك " و"عنك " يدل على أن للفم نصيب وإلا لانعدمت الغنة عند غلق الأنف.
وخلاصة القول تجدها فى كتاب نهاية القول المفيد حيث قال: لا يقال لابد من عمل اللسان في النون والشفتين فى الميم مطلقا حتى في حالة الإخفاء والإدغام بغنة وكذا للخيشوم عمل حتى في حالة التحريك والإظهار فلم هذا التخصيص؟ لأنهم نظروا للأغلب فحكموا له بأنه المخرج فلما كان الأغلب فى حالة إخفائهما أو إدغامهما بغنة جعلوه مخرجهما حينئذ وإن عمل اللسان والشفتان أيضا.
ولما كان الأغلب في حالة التحرك والإظهار عمل اللسان والشفتين جعلوهما المخرج وإن عمل الخيشوم حينئذ، أيضا أفاد بعضهم عن العلامة الشبراملسي مع بعض زيادة. ا. هـ
ولو كانت الغنة تخرج كلها من الأنف دون أن يكون لها نصيب في الفم لقلنا إذا بأن الغنة لا تتأثر بما بعدها من الحرف فطالما أن للفم دخل جاز أن تتأثر الغنة بما بعدها من الحروف، وإليك دليل آخر في تأثر الغنة بما بعدها من الحروف.
اختلفوا في مراتب الإخفاء قال السخاوي: " .... الإخفاء حالة بين الإدغام والإظهار ويكون تارة إلى الإظهار أقرب وتارة إلى الإدغام أقرب على حسب بعد الحرف من النون والتنوين وقربه منه .... ثم عد السخاوي مراتب الإخفاء خمس مراتب، وعدها ابن الجزري ثلاث مراتب، والشاهد أن الغنة تأثرت ببعد المخرج وقربه ألا تتأثر بتفخيم الحرف وترقيقه؟!!
قال ابن جنى: "وذلك لا ينكر أن يؤثر الشئ فيما قبله من قبل وجوده لأنه قد علم أن سيرد فيما بعد وذلك كثير، فمنه أن النون الساكنة إذا وقعت بعدها " الباء " قلبت النون " ميما " في اللفظ وذلك نحو: " عمبر" في " عنبر " فكما لايشك في أن الباء في ذلك بعد النون وقد قلبت النون قبلها .... " الخصائص
2/ 326
انظر أخى إلي هذه الأدلة التي تثبت لك تأثر النون الساكنة والتنوين بما بعدها وهذا ليس فيه مراء.
ثبت أخى بالقياس تفخيم الغنة دون مبالغة وهذا ما عليه أهل المشرق والمغرب فانتشار القراءة بتفخيم الغنة كافية لإثباتها وما قاله الشيخ الرحيمي فشذوذ وتفرد وحدوث، وكل محدثة بدعة، واتبعوا السواد الأعظم فإن الذئب يأخذ الشاذة والقاصية والناحية.
وأما بالنسبة إليك أخي الشيخ محمد فأمرك أهون لأن اعتراضك علي الاسم فقط رغم أنك قرأت بتفخيم الغنة فاختر ما تشاء من الأسماء المهم القراءة بالتفخيم قال أبو شامة:" لا مشاحة في الاصطلاح إذا عرفت الحقائق "
هذا ما من الله به على ولله الحمد والمنة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو عمر عبد الحكيم