وقفة مع الكتاب الأوسط في القراءات لأبي محمد العُماني
ـ[أبو عزان]ــــــــ[06 - 10 - 08, 01:25 م]ـ
وقفةٌ مع
الكتاب الأوسط
في علم القراءات
لأبي محمد الحسن بن علي بن سعيد العُمَانِيّ المقرئ
بقلم
الأستاذ / سلطان بن مبارك بن حمد الشيبانِيّ
1428هـ / 2007م
ـ[أبو عزان]ــــــــ[06 - 10 - 08, 01:43 م]ـ
· تَمْهِيد:
حينما وَقَعَتْ عينايَ في فهرس منشورات (دار الفِكْر) السُّورِيَّة لِهَذا الموسم على (الكتاب الأوْسَطِ في علم القراءات) سَعَتْ يَدايَ بكلِّ لَهْفَةٍ إلى اقتنائه، كعادتِي في تتبُّع ما يَخُصّ تراثنا العُمَانِيّ من دراساتٍ وأبْحَاثٍ وتَحقيقات، فمؤلِّفُ الكتاب هو الإمام المقرئ: أبو مُحَمَّد الحسن بن علي العُمَانِيّ، وصدورُ كتابه هذا يُعَدُّ إضافةً جديدة إلى المكتبة التراثية الإسلامية عامّة، والمكتبة العُمَانِيّة خاصة، وقد أخرجته دار الفكر بدمشق في ثوبٍ قشيب - كما عهدنا ذلك في إصداراتِهَا - في 629 صفحة من القَطْع المعتاد (17× 24سم).
وهنا أستأذنُ مُحَقِّقَ الكتاب الدكتور عِزَّة حسن في تسطير هذه الكُلَيْمَات النقدية عليه، تعريفًا بالكتاب ومؤلِّفه، وتنبيهًا على جملة أمورٍ نَدَّت عن بال المُحَقِّق، ولولا ذلك لكان السكوتُ بِي أوْلَى، سيّما أنَّ بيني وبين المحقق من العُمُرِ ما بين الأحفاد والأجداد (1) (أطال الله فِي عُمُرِه) لكنّ البحث العلمي يبقى مفتوحًا أمام الجميع.
ـ[أبو عزان]ــــــــ[06 - 10 - 08, 01:44 م]ـ
أولا حول مؤلف الكتاب:
مِمَّا ألِفْنَاهُ في تراجم أعلام عُمان أنَّهم في حُكْمِ المسكوت عنهم، كأنَّ التاريخَ أرْخَى سُدولاً من الجهالة عليهم، تطاولَتْ عبرَ الزَّمَن ليُصْبِحَ انجلاؤُها غايةً في الصعوبة، شأنُهَا شأنَ نُجُومِ لَيْلِ امرئ القيس؛ شُدَّتْ بِحِبالِ كِتَّانٍ إلى صُخُورٍ صِلاب!! فعِلْمُ التاريخ مُغَيَّبٌ مَنْسِيٌّ عند العُمَانِيّين، وربّما كان المحظوظ من أعلامهم مَنْ غادر بلاده، ليجد لاسْمِهِ (مَوْطِئ قدمٍ) في شيء من كتب التراجم غير العُمَانِيّة.
والإمام أبو مُحَمَّد المقرئ لا يخرج عن هذه الدائرة، نشأ في عُمَان، وخرج من بلاده طلبًا لعِلْمٍ لَمْ يَحْفَلْ به أهلُ عُمَان، وليس لَهُم كبيرُ اشتغالٍ به، وهو عِلْمُ القراءات والتجويد (2). ومِنْ هُنا جاء ذِكْرُه في كتب غير العُمَانِيّين، وسطَ سكوتٍ تامّ عنه في المصادر العُمَانِيّة، حسب اطلاعي المحدود على ما صَدَرَ منها إلى الآن.
ـ[أبو عزان]ــــــــ[06 - 10 - 08, 01:45 م]ـ
وسعى الأستاذُ المُحَقِّق إلى استيعاب جملة مصادر تناولتْ ترجمةَ مؤلف الكتاب، فمِنْ أوائل مَنْ ذَكَرَهُ - كما قال - العلامةُ عَلَمُ الدِّين عليُّ بن مُحمّد السَّخاوي (المتوفى 643هـ) في كتابه (جمال القُرَّاء وكمال الإقراء)، ونقل بعض آرائه، ثُمَّ تَرْجَمَ له بإيجازٍ: شَمْسُ الدين محمد بن محمد ابن الجَزَرِيّ (المتوفى 833هـ) في (غاية النهاية في طبقات القرّاء)، وأشار إليه في سطرٍ واحدٍ حاجّي خليفة (المتوفى 1067هـ) في (كشف الظنون)، ونَقَلَت المراجعُ الحديثة عنهم، كما أنَّ مادة الكتاب الأوسط مفيدةٌ في استخلاص بعض المعلومات التاريخية حول المؤلف. (3)
ـ[أبو عزان]ــــــــ[06 - 10 - 08, 01:45 م]ـ
وخُلاصة ترجمته من كل هذه المصادر أنه: أبو مُحَمَّد الحسن بن علي بن سعيد المُقْرِئ العُمَانِيّ؛ وَصَفَهُ ابن الجزري بأنه «إمامٌ فاضِلٌ مُحَقِّق». (4)
ارْتَحَلَ في طلب العلم إلى البصرة، فقرأ على الشيخ أبِي عبدالله اللالكائي- إمام جامع البصرة ومُقْرِئ أهلها - سنة 392هـ، ثم مضى إلى الأهواز فلازَمَ الشيخ أبا الحسن محمد بن محمد الكريزي، في تاريخٍ لَمْ يُقَيِّدْه. ومِنْ شُيوخه بسجستان: أبو الحسن علي بن زيد بن طلحة، أشار في مقدمة الكتاب الأوسط إلى أنه صنّفه لأجْلِه. وذَكَرَ له ابنُ الجزري رحلةً أخرى إلى مصر بُعَيْد سنة الخمس مئة، وهو تاريخٌ مستبعد - كما ذكر المحقّق - مقارنةً بالتواريخ التي قيَّدها المؤلفُ نفسه.