من أين جاء تعيين المعنى؟ من علامة الترقيم .. وواضع العلامة يريد منها أن تعين للمخاطب المعنى المقصود ... فعندما ذيل الجملة بعلامة الاستفهام فكأنه قال لك انتبه إنني في هذا المقام اتساءل ولا أخبر أو أتعجب ...
باختصار علامات الترقيم تأويل ... ومؤشرات على معاني تظهرها في الكتابة وتنوب عن التنغيم والنبر اللذين يقومان بهذه الوظيفة في المشافهة ..
وهذا مثل حقيقي:
ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2}
أين ستضع النقطة المعلنة عن انتهاء الجملة فلا يتعلق بها مابعدها؟
فقد ترى أن هنا ثلاث جمل فترقم هكذا:
ذَلِكَ الْكِتَابُ. لاَ رَيْبَ فِيهِ. هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ.
وقد ترى ثلاث جمل ولكن تلحق "فيه "ب" هدى":
ذَلِكَ الْكِتَابُ. لاَ رَيْبَ. فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ.
وقد ترى جملتين اثنتين فقط فترقم هكذا:
ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ. هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ.
وقد تقرأ جملتين بتأويل آخر:
ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ. فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ.
وقد تفهم أن عبارة "لاَ رَيْبَ فِيهِ"اعتراض، وأن هدى خبر لاسم الاشارة والكتاب نعت أو بدل .. وستعبر عن هذا الفهم بالترقيم التالي:
ذَلِكَ الْكِتَابُ- لاَ رَيْبَ فِيهِ -هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ..
لك هنا اختياران في الترقيم:
أن ترقم بحسب كل التأويلات الممكنة .. وهذا محال لأنك لن تعرف كيف ستقرأ مع تعارض وتداخل العلامات ..
أو ترقم بحسب فهم شخصي فيقال لك هذا تحكم منك.فليس فهمك أولى من فهم غيرك .. كما في قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ..
فهل تقف وتستأنف أم لا تقف وتعطف؟؟
أعني أين تضع النقطة علامة انتهاء الجملة .. ؟؟
فحيثما وضعتها تكون معبرا عن فهمك الشخصي. وهذا الفهم قد يكون مقطوعا بصحته وقد لا يكون ... فكيف يجتمع هذا مع القرآن الذي لا يأتيه الباطل من اي جهة كانت!
ـ[عبدالله ليوباردو]ــــــــ[30 - 10 - 08, 02:49 ص]ـ
كما في قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ..
فهل تقف وتستأنف أم لا تقف وتعطف؟؟
أعني أين تضع النقطة علامة انتهاء الجملة .. ؟؟
فحيثما وضعتها تكون معبرا عن فهمك الشخصي. وهذا الفهم قد يكون مقطوعا بصحته وقد لا يكون ... فكيف يجتمع هذا مع القرآن الذي لا يأتيه الباطل من اي جهة كانت!
الشيخ الفاضل أبا عبدالمعز وفقه الله ..
جزاك الله خيرا ..
قد يقال لكم .. يلزمكم القول بمنع علامات الوقف أيضا .. فكلامكم مطرد فيها .. ويمكن التمثيل بنفس الآية ..
هل ستجعل الوقف لازما على {وما يعلم تأويله إلا الله} .. ؟ أم لا .. ؟
فاختيار الوقف كذلك يمون (معبرا عن فهم شخصي .. وهذا الفهم قد يكون مقطوعا بصحته وقد لا يكون .. فكيف يجتمع هذا مع القرآن الذي لا يأتيه الباطل من أي جهة كانت) .. ؟
فما الجواب .. ؟
ثم .. هل ترون المنع في الحالين .. : المصاحف .. وعند الاستشهاد في كتاب أو مقال ونحوه .. ؟
الذي يظهر لي الآن -ولا أجزم بشيء- أن علامات الترقيم مثلها مثل علامات الوقف .. إن دعت إليها الحاجة فلا بأس بها .. مع التوضيح أنها غير ملزمة للقارئ وليست قرآنا ..
والله تعالى أعلم ..
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[30 - 10 - 08, 03:17 ص]ـ
.. مع التوضيح أنها غير ملزمة للقارئ وليست قرآنا ..
..
هذا قولي بالضبط ... ليست قرآنا ... فمن شاء وقف حيث شاء بناء على اجتهاده ... ولكن إدخال تلك العلامات في المصحف واعتبار الكل كلام الله ممنوع ...
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[06 - 11 - 08, 12:04 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم ..
أخي الكريم أبا عبدالمعز، قلت بمنع وضع علامات الترقيم في المصحف للأمور التالية:
-
لا أرى في هذه المسألةة إلا المنع ... وسأقتصر على سبب واحد لكنه قوي جدا:
علامات الترفيم لها حكم الكلام .. أو إن شئت كلام صامت ..
- أعني أين تضع النقطة علامة انتهاء الجملة .. ؟؟
فحيثما وضعتها تكون معبرا عن فهمك الشخصي. وهذا الفهم قد يكون مقطوعا بصحته وقد لا يكون ... فكيف يجتمع هذا مع القرآن الذي لا يأتيه الباطل من اي جهة كانت!
فأما قولك إن لها حكم الكلام ولو كان صامتا فغير صحيح؛ لأن إضافة علامة الاستفهام مثلا عند قولك " تؤمن بالله (؟) ". لا يقدر بـ " تؤمن بالله (أعني بذلك السؤال لا الإخبار) ".
وإنما هي للتعيين أو التأويل _ كما أشرت إلى ذلك في كلامك! _.
وإن كان هناك إشكال في التنبيه على المعاني وتعيينها بعلامات الترقيم، فهو واقع أيضا في التنغيم والنبر اللذين يقومان مقامهما كما قلتَ.
وأما عن قولك إن وضعها سيكون معبرا عن الفهم الشخصي وقد يكون مقطوعا به وقد لا يكون، فهذا أيضا وارد على علامات الوقف؛ لأنها تعبر عن فهمٍ قد يكون مقطوعا به وقد لا يكون، فهل يعني هذا أننا نحذف علامات الوقف من القرآن لأنها تعبر عن آراء شخصية لأبي عمرو الداني أو للأشموني أو لبعض أعضاء المجمع أو غيرهم لأنها قد تكون مقطوعا بها وقد لا تكون؟!
وكون الفهم الشخصي غير مقطوع بصحته لا يعارض قوله تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}.
¥