والذي أراه –والله أعلم- أن الشرط الأول حشو لا فائدة منه. وأن المرجع هو إلا الشرطين الثاني والثالث؛لأن المعنى إذا احتملته الآية يُصبح الحكم عليه بأنه غير صحيح = مصادرة على المطلوب لأنه سيزعم أنه معنى صحيح بدلالة الآية. وإذا لم تحتمله الآية فإنه سيمتنع تفسير الآية به ولو كان معنى صحيحاً.
وتأمل المثالين اللذين أوردهما الشيخ وهما:
1 - تفسير استوى باستولى.
2 - وتفسير خلقكم أطواراً بالأطوار الدنيوية.
وقد ردهما الشيخ لأنهما معنيين غير صحيحين وأنت ترى أن للمخالف أن يقول بل هما صحيحان بدليل الآية فالأطوار الدارونية صحيحة بدلائل طبيعية وبدلالة الآية .. ودخولنا معه في الأدلة الطبيعية تطويل ليس من عمل المفسر وإبطالنا لدلالة الآية لا يكون إلا بمنع احتمال الآية لهذا المعنى؛لحوث اللسان المتكلم بها.
وكذا في الاستواء.فكون تفسير الاستواء بالاستيلاء غير صحيح؛لأنه غير وارد في كلام العرب هو نفسه استدلال بأن الآية لا تحتمله .. فلو كان وارداً في كلام العرب لاحتملته الآية.
فالذي يظهر لي: أن شرط احتمال الآية هو أوسع الشروط وأتمها ويغني عن غيره؛لأنك ترد به المعنى الحادث ولو كان صحيحاً؛ولذا نرد من أتى بمعنى للذرة جديد (المعنى الفيزيائي) فإنه معنى صحيح في نفسه لكنه يُرد بأن الآية لا تحتمله لحدوث اللسان المتكلم به.
(5)
تعرض الشيخ أبو عبد الملك لنفس قضية حكم إحداث معنى جديد في كتابه: ((مفهوم التفسير والتأويل ... )) ولكنه عبر هناك عن الضوابط بقوله: ((أن يكون المعنى صحيحاً وارداً في اللغة وأن يكون غير مناقض [أي: مبطل] لقول السلف، وأن لا يعتقد المفسر بطلان قولهم وصحة قوله فقط)).
وأرى والله أعلم أن عبارة كتاب الفصول أكثر تحريراً؛ فشرط أن لا يعتقد المفسر بطلان قولهم داخل تحت أن يكون غير مناقض لقول السلف، وقوله: وارداً في اللغة= يغني عنه وهو أصح: شرط احتمال الآية .. ووجه ذلك: أن كون المعنى ورد في اللغة لا يكفي ليجيز إحداثه بل لابد من احتمال الآية له .. وأنت ترى أن النسيان بمعنى السهو وارد في اللغة ومع ذلك لا يجوز أن نفسر به قوله تعالى: {نسوا الله فنسيهم} لأن الآية لا تحتمله لأنها تتكلم عن نسيان الحفيظ الخبيرجل وعلا
(6)
[اقتراح]
أرى أن الأوفق والأتم هو دمج كتاب: ((مفهوم التفسير والتأويل .. )) مع كتاب فصول في أصول التفسير مع حذف المكرر وسبكه سبكاً حسناً ...
(7)
وضع الشيخ حاشية عند كلامه عن خلاف التضاد قال فيها: ((لأمثلة التضاد يمكن الاستفادة من كتاب: التضاد في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق لمحمد نور الدين المنجد، نشر دار الفكر المعاصر)).
قلت: وهذا غريب جداً!
والكتاب المذكور هو في بحث ظاهرة الأضداد في اللغة وتطبيقها على ألفاظ الأضداد في القرآن الكريم.ولا علاقة له بمبحث خلاف التضاد، فليُحرر ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 07 - 09, 07:11 م]ـ
(8)
بحث الدكتور خبر الزاملتين المنسوب لعبد الله بن عمرو بحثاً حسناً معجباً لم أجده عند غيره ...
غير أنه ذكر في تضاعيف بحثه وجهاً ضعيفاً ناقش به حمل الحافظ ابن كثير بعض الأخبار على أنها من الزاملتين .. فكان صنيع الشيخ أن يقول: ((هذا من خبر العرب .. أو هذا من خبر الكعبة .. ولا ذكر لهذه الأخبار في كتب أهل الكتاب كما هو ظاهر بين أيدينا)) أو كما قال ..
وهذا وجه غير محقق فكتب أهل الكتاب لو قيل إنها تُحرف كل يوم=لما كان بعيداً،واحتمال وجود تلك الأخبار في الزاملتين ثم تحريفهما بعدُ فلا تصلان إلينا = احتمال قوي يمنع المصادرة عليه .. وآية بينة: أن يطلبَ الدكتور شيئاً مما هو من أخبار أهل الكتاب بيقين في كتبهم الآن = ولن يجدَ من ذلك أشياء كثيرة .. والكتب التي كانت زمن الصحابة كانت أقل تحريفاً بكثير من الكتب الموجودة الآن .. بل ليطلب الدكتور بعد شواهد رحمت الله الهندي في كتابه إظهار الحق وسيجدها قد محيت من سائر الأناجيل المطبوعة وكذلك يفعلون ..
فمجرد خلو تلك الكتب الموجودة الآن من أخبار العرب وغيرهم مما روي عنهم بواسطة الصحابة والتابعين وغيرهم = لا يمنع وجود تلك الأخبار في الكتب التي كانت بين أيدي السلف ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 - 07 - 10, 08:56 ص]ـ
¥