تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2. عدم ارتقاء النظريات المعرفية الأخرى والوافدة إلى مستوى الفكر والمنهج الإسلامي الذي بني عبر قرون.

3. ظهور علماء في كل عصر يستخرجون من التراث والأصول الكنوز المكنونة في أعماقها.

4. وجود مكنونات الطاقة المادية والفكرية والبشرية داخل الوطن الإسلامي الكبير.

5. ولعل السبب الأهم هو أن المناهج الإسلامية مبنية على النص (الوحي)، وهي نصوص حية متجددة صالحة للزمان والمكان، وما ينقصها هو إعادة النظر فيها نظرة مستمدة من الواقع ومعطياته لاستنباط واستخراج ما يتلاءم معه، واجتهاد ما يصلح له وفق مبادئها وبضوئها.

والمعركة بين الفكر الإسلامي والحداثة معركة شاملة لا تقتصر على القشور والمظاهر، بل تتعداها إلى اللباب والجواهر والأصول. وهي ممتدة عبر الزمان منذ بداية الإسلام ومستمرة ما بقي على الأرض خليقة، وما دام هنالك حق وباطل وكفر وإيمان. فـ (هي ليست مجرد معركة حول قراءة النصوص الدينية أو حول تأويلها، بل هي معركة شاملة تبدو على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، معركة تخوضها قوى الخرافة والأسطورة باسم الدين والتمسك بالمعاني الحرفية للنصوص الدينية، وتحاول قوى التقدم العقلانية أن تنازل الأسطورة والخرافة).

فالمعركة في هذا العصر على أشدها في ظل التقدم الحضاري للآخر بكل إمكاناته، والتخلف الحضاري المعاصر للأنا الغارقة في سبات الهزيمة والتبعية فهي أسرع إلى الانهزامية ما لم يتقدم منعش لها يوقظها من سباتها فـ (الأمة إذا غلبت وصارت في ملك غيرها، أسرع إليها الفناء).

فتأتي هذه الدراسة حلقة من حلقات المعركة المحتدمة على الساحة الفكرية لتتناول الحداثة العربية من زاوية موقفها من السنة النبوية .. ولقد اخترت الكتابة في هذا الموضوع الشائك الذي يختلط فيه الغث بالغث، ويندر السمين إلا بعد طول بحث، وذلك أن الحداثة أصبحت تيارا له حضوره الذي لا ينكر حتى أصبح ساستنا يحكمون بموجب أفكارها، ويشرعون لنا القوانين بموجب نظراتها. فتارة يطرقون مسألة الميراث، وأخرى يطرقون الأحوال الشخصية من خلال معاهدة سيداو، وثالثة حجاب المرأة، ورابعة منع الزواج دون سن محددة وبذات الوقت الحرية الشخصية لاتخاذ الأخدان. فبموجب هذه القوانين، يمنع للفتاة الزواج الشرعي دون سن محددة خوفا على صحتها من الحمل والإنجاب قبل اكتمال النمو الجسدي، وفي ذات الوقت تعطي ذات القوانين الحق والحرية لها لتعشق من تشاء خارج نطاق مؤسسة الزواج، وأن تحمل بالسفاح، فهذا أمر ليس فيه مضرة بالجسد وما شابه.

ولعل من أهم الأركان التي تسعى الحداثة اليوم لهدمها في دنيا الإسلام، هي السنة النبوية المطهرة، على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام. لا لأن السنة بناء مهترئ وجدار متهالك يستطيع من يشاء اعتلاءه، أو بضربة هاو تدميره وإنهاءه، بل لأن السنة النبوية الجدار المنيع والحصن الأول في قلاع الأمة بما وضعه علماؤها من مناهج نقدية شكلت سياجا منيعا، وجدارا حصينا حول النص في الإسلام .. ولقد وقف الحداثيون من السنة مواقف مختلفة، وبدرجات متفاوتة بالدعوة إلى رفضها، فمنهم القائل بنبذ التراث بكل مكوناته نبذا تاما، وإبعاده عن الساحة الفكرية والحضارية كلية، ومنهم القائل بالتوفيق والتلفيق بين التراث والحضارة المعاصرة .. وبين هذا وذاك درجات ومستويات يقوم البحث باستجلائها ودراستها وبيانها ضمن ما أوتي الباحث من قدرة، وما توفرت لديه من أدوات ومعرفة، محاولا مناقشة هذه الأفكار نقاش الفكر للفكر، والعقل للعقل بما أوتي لذلك من قوة .. ولقد تعلم الباحث أن لا وجود لفكر مقدس أنتجه بشر مهما علا في المنزلة، ومهما ارتفع في سلم العقل. فالكل خاضع لمشرحة النقد، ولقد مارس هذا المبدأ وهذا الفكر على كتابات هؤلاء فكان هذا البحث.

سبب اختيار الموضوع:

ولعل سائلا يسأل –خاصة من أصحاب الفكر الإسلامي-: لماذا ترهق نفسك وتمضي تضيع وقتك في دراسة هؤلاء؟ ألا يوجد ما هو أهم من هذه (الترهات) لتمضي عمرك في دروبها؟ أليس هذا من ضياع الأوقات والأعمار والأموال بلا فائدة؟ أليس من المبادئ أن "أميتوا الباطل بإماتة ذكره"؟ ماذا ترجو أن تحقق للأمة وللعلم وللعصر من فائدة في هذه الدراسات؟ .... إلخ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير