4. لأن السنة شكلت سياجا حصينا منيعا حول القرآن الكريم منع الحداثي من الولوج إلى القرآن دون تحطيم هذا الحصن أولا.
5. بسبب منهج أهل الحديث النقدي والذي استقر في الوجدان الاسلامي لتطبيقه على كل المرويات مما شكل حصنا إضافيا منع الحداثي من نقض الرواية وقيده في حركته.
6. لأنه رأى في الحديث تمثل المنهج النقلي المناوئ للمنهج العقلي.
لهذا كانت سهام القوم موجهة إلى السنة أكثر من غيرها لا لضعفها بل لما تشكله من حواجز منيعة في وجه الحداثي.
تاسعا: اراد الحداثيون إعادة نقد السنة بتطبيق ادوات النقد الحداثية وذلك لأنهم لا يعرفون منهج النقد الاسلامي إلا لمما وليفسحوا المجال واسعا لإعمال عقولهم في النص إقصاء وإبعادا فهما وتأويلا وذلك اعتمادا على النقد الداخلي ورفض النقد الخارجي
عاشرا: جميع المناهج الحداثية من البنيوية والتاريخية والهرمينيوطيقيا والتفكيك هي أدوات لإقصاء النص وإحلال العقل مكانه لرفض سلطة النص المقدس والقول بسلطة العقل المقدس عندهم.
حادي عشر: المناهج الحداثية لا تصلح للتطبيق ولنقد السنة النبوية وذلك لأنها تختلف من حيث الميدان، فواقع النص الاسلامي من السنة يخالف مخالفة تامة لواقع النصوص التي جاءت هذه المناهج لنقدها وتحليلها.
ثاني عشر: لا يخشى على السنة من تطبيق هذه المناهج عليها ولكن هذه المناهج بذاتها غير صالحة للتطبيق ابتداء والحداثي الذي حاول القيام يالتطبيق لم يطبقها بشكل علمي محايد بل بطريقة نفعية مغرضة هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى فإن هذه المناهج ترفض التطبيق لأنها ابتداء ترفض أن تكون منهجا منضبطا .. فهي العبث ولا يقبل تطبيقه على ديننا.
ثالث عشر: أثار الحداثيون مجموعة من الشبهات التي أثارت الساحة الفكرية الاسلامية ولكن لا يعني أنها شبهات حقيقية بل هي تهويمات عقلية يتمكن أي عقل من إثارة أي تشكيك في أي شيء وفي أي وقت فالتساؤل كيف ومن أين ولعل .. لا يعجز احد عن نثره.
رابع عشر: لا شك من أثر الحداثة الواضح على الساحة الاسلامية ولعل من هذه الآثار أن تأثر عدد من مفكري المسلمين بالفكر الحداثي فأخذ بعضهم يكرر مقولاتهم بوعي أو دون وعي بفحواها وبغرضها .. بينما ذهب آخرون إلى تحكيم عقولهم في المرويات مما حدا ببعضهم المسارعة إلى رفض الحديث دونما حاجة إلى طول نظر أو عميق فكر ظنا منه بأنه بذا يخدم الدين ويسد بابا يمكن للمغرضين النفاذ إلى الاسلام من خلاله .. بينما هو في الواقع يمثل فعله هذا نقطة نصر للحداثيين بحيث تمكن من تجنيد إسلامي موثوق عند المسلمين لخدمة مصالح الحداثيين بالتسويق لأفكارهم من حيث يدري أو لا يدري.
خامس عشر:: تمكن الفكر الحداثي عبر تاريخه من إفقاد الثقة بالحديث النبوي بين المسلمين بحيث أصبح الواحد من المسلمين عندما يرد عليه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسارع إلى التشكيك في ثبوته أي أصبح الشك أصل الرواية بدلا من الصدق.
سادس عشر: علماء الاسلام من محدثين وفقهاء وأصوليين مطالبون أكثر من أي وقت مضى إلى الوقوف على القرآن والسنة واستجلائهما وإخراج العلوم منهما بما يتلاءم مع روح العصر وأدواته.
سابع عشر: على الخطاب الإسلامي وعلى أهل الحديث خصوصا إعادة النظر الدائم في منهج النقد الحديثي لا لعجزه بل لإدامة إحيائه والإفادة منه.
التوصيات:
بعدما تقدم كله يمكن قول ما يلي:
على الخطاب الاسلامي أن يوقف الانشغال بالثانوي ويتوقف عن الاختلاف في الجزئيات التي لم تعد موجودة في زماننا كاختلاف علماء الكلام في صفات الذات مما لا ينبني عليه عمل, والانتقال إلى ملامسة الواقع والانشغال بمشاكل العصر واحتياجاته وهذا أكثر ما يخشاه الحداثي وأرباب السلطات .. فإن في ديننا كنوز عظيمة تستلزم إخراجها بلغة العصر فكما كان العلماء من السلف يخاطبون عصرهم بأدواته ناهلين من القرآن والسنة فعلماء اليوم مطالبون بالقيام بذات الفعل .. للانشغال بالعمل وتقديمه على النظر حسب الظرف والحاجة.
كما وتوصي الدراسة بالانتقال من مرحلة أسلمة العلوم ومرحلة تأصيل العلوم البشرية بالقول إن في ديننا ما يؤكد النظرية الفلانية ونحن سبقنا هذا الفيلسوف في وصوله إلى المبدأ لأن في القرآن كذاوكذا. .فإن هذا لا يفيد لأنه يبقى عمل في دائرة التبعية والتأصيل لما أنتجه الآخر .. للانتقال إلى مرحلة إنتاج العلوم ابتداء بإخراج النظريات والقواعد المستقاة من كنوزنا مما لم يسبق إليه أحد .. الانتقال من أسلمة العلوم إلى إنتاج العلوم إسلاميا .. فهنا نظرية الاقتصاد الاسلامي وهناك علم التربية الاسلامية وثالث النظرية السلوكية الاسلامية .. لتساهم جميعا في تحقيق التمكين للاسلام ليسود فكرا ومنهجا دينا ودولة ونظام حياة .. فهذه مقومات الحداثة الإسلامية المنشودة وليس جريا على خطاب الحداثة الغربية.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحارث فخري عيسى عبدالله
¥