تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وأصلي وأسلم على رسوله الأمين

الحارث فخري عبدالله

الخاتمة:

بعد هذه الرحلة في بحر الحداثة المتلاطم الأفكار يمكن الخروج بأهم النتائج والتوصيات على النحو التالي:

أولا: الحداثة ليست ممارسة بريئة أو فعلا عبثيا للفكر بل هي مشروع أيديولوجي له أهدافه وأدواته وغاياته التي يناضل من أجل تحقيقها مستخدما أسلحته الفكرية.

ثانيا: يظهر من خلال الدراسة والوقوف المعمق على كتب الحداثيين العرب وأفكارهم أنهم ينطلقون في نقدهم للتراث من جهة وفي إنتاج مشاريعهم الفكرية والانسانية من جهة ثانية من عدة منطلقات أهمها:

1. منطلق الأنسنة وبشرية النصوص وإنسانية القيم والمعايير.

2. أولية العقل فالعقل قادر ابتداء على إنشاء المعارف وإدراك كنه الأشياء دون حاجته إلى وصاية خارجية.

3. التحرر من الضوابط والنصوص والقيم والمعايير والقيود وأحكام الشريعة ومن كل شيء قد يضع ضوابط أو عراقيل أمام العقل ليقول ما يشاء ويقرأ ما يريد.

4. عجز الثقافة الاسلامية والموروث الاسلامي بكل مكوناته بما فيها نصوصه الموحى بها من كتاب وسنة عن تقديم حلول لمشكلات الواقع أو عن أن تكون صالحة للتطبيق أو الاحياء في زماننا هذا مما يستلزم تجاوزها.

5. منطلق التجديد: حيث يسعى الحداثي ليجدد واقع الناس ويقدم حلولا للمازق الراهن مما يعود عليه بتحقيق ذاته ومكانته ويعود على المجتمع بالخروج من مآزقه.

رابعا: يعد الغرب بكامل مكوناته ومختلف تناقضاته المصدر الوحيد للحداثة العربية تستقي منه أفكارها وتتبنى مواقفه جملة وتفصيلا محاولة اسقاطها على الواقع الإسلامي مما جعلها تابعة له تكرس المركزية الأوروبية واتخذت هذه التبعية أشكالا عدة:

1. استفاء النظرة إلى الموروث الاسلامي من نظرة الغرب إلى موروثه الديني.

2. التعامل مع انتاجات الغرب الفكرية على أنها نهايات معرفية وحقائق شبه قطعية.

3. عدم المساهمة في نقد الغرب وانتاجاته إلا على استحياء لا يذكر.

4. الوقوف على التراث الاسلامي من خلال مواقف الحداثي الغربي ودراساته؛ فمصادر معرفته بالتراث الإسلامي هي ما كتبه المستشرق أو الباحث الغربي لا من مصادر التراث الأصيلة.

5. المناهج التي يتبناها الحداثي العربي هي ما أصدره الغرب وكلما أنتج الغرب منهجا جديدا أخذه الحداثي العربي ليطبقه على ذاته وتراثه.

خامسا: لا يوجد للحداثيين العرب أي ابداع يذكر في مجال قراءة النصوص أو انتاج المعارف والفنون .. فبقي الحداثي العربي في تقليد مزدوج وخوف مركب فهو يتنقل بين هروب من تقليد الموروث إلى تقليد الغرب الذي يشعره دائما بالنقص والعجز.

سادسا: وصل الباحث إلى نتيجة مؤداها أن مواقف الحداثيين من التراث اتخذت أشكالا عدة على النحو التالي:

1.فريق ذهب إلى نبذ التراث وإقصائه رافضا له ابتداء وهؤلاء هم العلمانيون الغربيون وأن كانوا عربا بالاسم والولادة بالرغم من وقوف بعضهم على بعض جوانب التراث.

2. الحداثيون التوفيقيون التلفيقيون: وهؤلاء يقولون بالوقوف على التراث لاستخراج الصالح منه لزماننا من أجل إحيائه ومن ثم تجاوزه .. وهم أشد الحداثيين خطرا على التراث من أمثال حسن حنفي، محمد شحرور, هشام جعيط, محمد الجابري .. وغيرهم.

3. فريق رفض التراث ابتداء ولم يقبل منه إلا القرآن الكريم وهؤلاء هم القرآنيون الجدد مع مراعاة اختلافهم عن القرآنيين القدماء زمن الشافعي وغيره.

4. فريق من الحداثيين لم يشتغل بالتراث ولم يكن التراث موضوعا للدرس أو البحث فشغله أمور أخرى .. وهؤلاء لم يشتغل الباحث بذكرهم في هذه الدراسة لكونهم لم يساهموا في إنتاج شيء يمس التراث.

سابعا: التيارات الحداثية السابقة تجتمع كلها على نبذ التراث وإقصائه من دائرة العمل ,ولكن أشدهم خطرا هم التوفيقيون الذين يسعون إلى الوقوف على التراث لاحتوائه أولا ومن ثم إلى نقضه وتدميره من الداخل.

ثامنا: وقف الحداثيون من السنة خصوصا موقف المعادي الشديد لأسباب منها:

1. لأن السنة كانت القيد الأكبر والعائق الأعظم أمام الحداثي في قوله ما يشاء وفي إنتاجه لما يريد مما يخالف السنة.

2. لأن السنة تناولت مجمل جوانب الحياة البشرية التفصيلية فكانت أكثر ملامسة لواقع الناس المعاش.

3. لأن معظم أو جل الأحكام الشرعية كانت مستنبطة من السنة النبوية مباشرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير