تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن إلقاء نظرة سريعة على ما سبق وصفه من فهارس وقوائم وأدلة توحي بالعشوائية التي تسود استعمال هذه المصطلحات التي يرسلها المؤلفون على عواهنها دون التركيز على ما تعنيه بالضبط كعناوين لمؤلفاتهم. إنها في رأيهم كلمات مترادفة لا تفاوت كبيرا بينها ينوب بعضها عن بعض على الرغم من الاختلاف الحاصل في محتوى هذه الكتب التي كان وصف المخطوطات موضوعا لها.

هذا من حيث المصطلح. أما من حيث طبيعتها فإنها مضطربة أشد ما يكون الاضطراب، إن معظم القوائم رتبت مخطوطاتها بحسب ترتيبها على رفوف الخزانة ولا يعدو هذا الترتيب أن يكون مطابقا لسجل قسم دخول الكتب للمكتبة. وهذا ما حصل مثلا في دليل خزانة الزاوية الناصرية بتامكروت ولائحة مخطوطات الزاوية الحمزاوية. وقد روعي في قوائم أخرى أحجام الكتب في الترتيب دون الأخذ بالاعتبار أي نوع من التنسيق والتصنيف. وكثير من هذه القوائم يفتقر إلى كشافات، بعناوين المؤلفات وأسماء المؤلفين، من شأنها أن تيسر العمل للباحث عن مخطوط معين أو مؤلف من المؤلفين. إن طبيعة هذه القوائم تذكرنا بفهارس المكتبات القديمة الموقوفة على المؤسسات الدينية والتي كانت عبارة عن لوائح للكتب لا تخضع لأي ترتيب، تكون عادة ضمن كتاب الوقف الذي يشرف على القيام به القاضي أو الناظر أو كل من سمحت له مؤهلاته القانونية

والشرعية بحيازة الوقف واستلامه. وعلى الرغم من محاولة بعض الفهارس القليلة القيام بوصف للمخطوطات وصفا تتوافر فيه بعض شروط الفهرسة الحديثة فإنها تبقى مفتقرة إلى الكثير من العناصر والمواصفات التي تفرضها أساليب هذه العملية العلمية. إن المائة فهرس التي وقفت عليها لم أجد واحدا منها يشير إلى ظاهرة التعقيبة هذه التقنية التي هي عبارة عن نوع من الترقيم استعمله القدماء لترتيب المؤلفات من جهة، ولمساعدة المختصين في صناعة المخطوط، كالمسفرين، في ترتيب ملازم الكتاب من جهة أخرى. باستثناء فهرس واحد أشار إشارات عابرة إلى التسفير في وصف المخطوط، فإن كل الفهارس قد أهملت هذه الظاهرة التي تعتبر وضعا استراتيجيا لتأريخ المخطوط العربي. إن تجليد الكتاب المخطوط من المواطن التي يستهدفها كل من الكوديكولوجي أي عالم المخطوطات والمفهرس حينما يكونان بحاجة إلى توثيق نسخة من مخطوط معين. باستثناء القلة القليلة، لا نجد ضمن هذه الفهارس من اهتم بالسماعات والإجازات والتملكات التي لها هي بدورها أهمية بالغة بالنسبة لمن يؤرخون للمخطوط العربي. وهل الاهتمام بهذه الظواهر ضروري في فهرسة المخطوط أم يدخل في اختصاص عالم المخطوطات؟

وإذا كانت هذه طبيعة ما ظهر حتى الآن مما سمي بفهارس المخطوطات التي قلنا إنها تفتقر في مجملها إلى أبسط قواعد الفهرسة العلمية، فمن هو

ذلك الذي أنيطت به هذه المهمة؟ إن معظم الذين وضعوا القوائم التي تم وصفها سابقا لا يختلفون في تكوينهم وتعليمهم وتجربتهم عن فقهاء المساجد وشيوخ الزوايا وطلبة المدارس العتيقة والمحبسين الذين كانوا يضعون قوائم للكتب دون مراعاة أي تنسيق منهجي أو تصنيف موضوعي تيسيرا للعثور عليها والاستفادة منها في الدراسة والبحث. إن الذين وضعوا هذه القوائم لا تنقصهم الكفاءة العلمية ولا التجربة في ميدان المؤلفات بل يفتقرون في ممارساتهم لعملية الفهرسة إلى التقنيات الحديثة وإلى التمكن من أساليب علم الببليوغرافيا الحديث. لا بد للمفهرس من أن يكون ببليوغرافيا لأن مجموعة التساؤلات التي يطرحها العنوان الببليوغرافي ( L’adresse bibliographique) لمخطوط معين تقتضي وجود مفهرس ملم بقواعد الببليوغرافيا وأساليبها الحديثة. إن هذا الإلمام هو الذي يمكنه من الإجابة عن الأسئلة التقنية والعلمية التي تطرحها عملية الفهرسة من جهة ويقتضيها الوصف التاريخي والكوديكولوجي للمخطوطات من جهة أخرى.

وبالإضافة إلى الإلمام بالببليوغرافيا، على المفهرس أن يكون باليوغرافيا يستطيع التمييز بين أنواع الخطوط القديمة. معظم أدلة المخطوطات في المغرب تشير إلى نوعية الخط الذي كتبت به المخطوطة فتقول: خط شرقي أو خط مغربي، ولكننا لا نعثر إلا قليلا على الأدلة التي تحدد بالتدقيق هذا الخط. فإذا كان الخط مغربيا مثلا فهو إما أندلسي أو مغربي أو موريتاني أو غير ذلك، وإذا كان مغربيا فهو فاسي أو صحراوي أو سوسي أو بدوي أو غير ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير