تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجاء عنه في عنوان الدراية أنه "الشيخ الفقيه، المجيد المجتهد، العالم الجليل الفاضل، المتقن المتفنن، أعلم العلماء، وتاج الأدباء، له أدب هو فيه فريد دهره، وسابق أهل عصره، وفاق الناس بلاغة، وأربى على من قبله". (14).

وقال فيه علماء المغرب:"هو قدوة البلغاء، وعمدة العلماء، وصدر الجلة الفضلاء، ونكتة البلاغة التي قد أحرزها وأودعها، وشمسها، التي أخفت ثواقب كوكبها حين أبدعها، مبدع البدائع والتي لم يَحْظَ بها قبله إنسان، ولا ينطق عن تلاوتها لسان، إذ كان ينطق عن قريحة صحيحة، وروية بدرر العلم الفصيحة، ذللت له صعب الكلام، وصدقت رؤياه حين وضع سيد المرسلين في يديه الأقلام". (15).

تلك هي سيرة أبي المطرف المخزومي التي قدمناها بإيجاز، وخلال حياته المضطربة، التي كانت تميز حياة الكثيرين من أبناء عصره ووطنه، أصبح ذلك الفقيه الذائع الصيت، الطائر الذكي، المولع بالتاريخ والأدب، معروفاً لدى القاصي والداني والعام والخاص، بأناقة أسلوبه المزخرف وغزارة لغته، وكانت رسائله النثرية والنظمية سيما تلك الموجهة إلى الأمراء أو المحررة باسمهم يضرب بها المثل.

محتوى المخطوط:

إن النسخة الوحيدة من مخطوط تاريخ ميورقة المستعملة في هذا البحث هي نسخة مصورة عن النسخة الموجودة بخزانة زاوية سيدي بلعمش بمدينة تندوف (الجزائر). لأن البحث عن نسخة أخرى في الخزائن والمكتبات العامة والخاصة لم يُجد نفعاً. وكانت الحصيلة من كل جهد الذي بذل في هذا الشأن النسخة المشار إليها.

يقع المخطوط في 26 ورقة (52 صفحة)، مقاسه 18 في 24، وعدد الأسطر في كل ورقة 23 سطراً، الخط مغربي عادي، وهو خال من أي ذكر لاسم الناسخ وتاريخ ومكان النسخ، وغير مرقم، بدايته هي: الحمد لله مصرف الأقدار على مشيئته. ونهايته هي: نُسخ وقُوبل من خط مؤلفه رحمه الله تعالى. لا توجد فيه تعقيبات أو تعليقات. وقد ورد ذكر عنوان المخطوط وهو تاريخ ميورقة، واسم مؤلفه وهو ابن عميرة المخزومي أبو المطرف في الورقة الأولى.

وكتاب تاريخ ميورقة هو أحد كتابين ألفهما ابن عميرة المخزومي في ميدان التاريخ فعدّ من أجل ذلك في سلك المؤرخين، أما الكتاب الثاني فهو "اقتضاب ثورة المريدين"، كما يسميه ابن عبد الملك في الذيل وابن الخطيب في الإحاطة، وهو اختصار لكتاب تاريخ ثورة المريدين الذي ألفه أبو مروان عبد الملك بن محمد بن أحمد الباجي المشهور بابن صاحب الصلاة (ت 577هـ). والكتاب في حكم المفقود إذ لم نجد بعد ابن عبد الملك وابن الخطيب من نقل عنه أو أشار إليه، في حين نجد المقري في النفح يشير إلى الأصل المختصر وهو ثورة المريدين ويذكره باسم تاريخ في الدولة اللمتونية وينقل عنه. وأما تاريخ ميورقة فلسنا نعرف بالضبط متى ألفه ابن عميرة، ولكن الراجح أن التأليف تمّ مابين سنة 627 هـ تاريخ سقوط الجزيرة وسنة 658هـ تاريخ وفاته.

أما عن أسلوب ابن عميرة في تاريخ ميورقة، فمن المعلوم أنه قد انتهى إلينا عدد ضخم من رسائله الديوانية والإخوانية التي تفنن في أغراضها المختلفة وبها كانت شهرته الأدبية، ومن خصائصها النثرية أنها تقوم على السجع والجناس بمختلف أشكاله وعلى باقي ضروب البديع وألوانه. وهي الخصائص نَفْسُها التي التزمها في تاريخ ميورقة من أول الكتاب إلى آخره. لذلك يقول مترجمه ابن عبد الملك في الذيل إنه نحا فيه منحى الكاتب العماد الأصفهاني في كتابه الفتح القسي في الفتح القدسي. والمعروف أن هذا الكتاب ألفه العماد تخليداً لمآثر صلاح الدين الأيوبي في استرجاع بيت المقدس من الصليبيين سنة 583هـ، والتزم فيه أسلوب السجع وأكثر من المحسنات البديعية، واستطاع أن يروي أحداث التاريخ بهذا الأسلوب الذي تغلب عليه الزخرفة والتنميق. وقد عرف هذا الكتاب إقبالاً كبيراً لدى الأوساط الأدبية في المغرب والأندلس، فاختصره ابن الأبار بكتابه الوشى القسي في اختصار الفتح القدسي (16).واختصره أيضاً أبو الحسن بن القطان بتأليفه تقريب الفتح القدسي، ونحا نحوه ابن عميرة في تاريخ ميورقة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير