تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أهم مميزات بروكلمان أنه كان يجيد 11 لغة شرقية ويتقنها (تحدثا وقراءة وكتابة) وهي: العربية، السريانية، العبرية، الآشورية، البابلية، الحبشية، الفارسية الوسطى، الفارسية الحديثة، الأرمنية، التركية، القبطية، إلى جانب إتقانه اليونانية، واللاتينية، والفرنيسية، والإيطالية، والإنجليزية، والأسبانية (18).

وكان يأخذ بروكلمان أثناء المحاضرة والتدريس بنظر الاعتبار رغبات مستمعيه، وكان يقيم حلقات دراسية كثيرة لتعليم اللغات المختلفة، وكان في المحاضرات يجيب بكل طيب خاطر على جميع الأسئلة التي كان طلابه يوجهونها له، ولم يكن يتقدم في المحاضرة إلا بعد التأكد من زوال أي غموض أو صعوبة، أما خارج محاضراته فقد كان منغمسا في أبحاثه وأعماله العلمية، بحيث قلما تجرأ طلابه على توجيه أي سؤال له وإذا ما حدث وسأله أحد رغم ذلك، فإن بروكلمان كان يلقي عليه الجواب فورا بكل ما يتعلق بالموضوع وبكل دقة بحيث يمكن أن يرسل جوابه للطبع فورا.

وكان بروكلمان يتمتع بالذاكرة الممتازة، وقدرة خارقة على التنظيم والتنسيق، وموهبة للفهم السريع، وقدرة على حسن تقدير أبعاد عمل أو بحث معين، بالإضافة إلى إرادة حديدية وطاقة خارقة على العمل والإنتاج، وقد عرف مقدراته خير معرفة وكان يستخدمها خير استخدام، وكان عمله اليومي منظما بكل دقة وصرامة، وفي أعوام حياته الأولى كان يسافر كثيرا في الإجازات وكان يحب البحار ويستمتع بالتجوال (19).

واشتهر كارل بروكلمان في مجالات عديدة وبصفة خاصة في فقه العربية وقراءتها قراءة سليمة فصيحة وكتابتها كتابة، وأيضا في التاريخ الإسلامي وتاريخ الأدب العربي حتى عد إماما من أئمتها (20).

لقد كرمت أوربا وأهلها كارل بروكلمان تكريما يليق به تقديرا لجهوده العظيمة ولإنجازاته الكبيرة في مجال العلم والمعرفة، ورحبت به الجمعيات والمنظمات الأوروبية وفتحت له أبوابها ومنحته عضويتها تكريما له، ومن ثم تم انتخابه كعضو مراسل أو عامل في كثير من المجامع العلمية والأكاديميات في العالم، فكان عضوا عاملاً في الأكاديمية السويسرية للعلوم، وعضوا في الجمعية العلمية السويدية، وعضوا في الجمعية الألمانية للدراسات الشرقية، والجمعية الآسيوية الملكية في لندن، والجمعية العلمية السويدية، وعضوا في الجمعية الألمانية للدراسات الشرقية في الولايات المتحدة الأمريكية، والجمعية اللغوية الأمريكية، والمجمع العلمي العربي في دمشق.

ولكل هذا تعبير عن تكريم العلماء في أوروبا الشرقية وأمريكا والعالم العربي لبروكلمان الذي أسهم في أكثر من ميدان بدراسات علمية على مستوى العالم، وبعد كفاح علمي طويل نال بروكلمان في دولته من التقدير أرفع درجاته ومن التكريم أسمى صوره، فمنحته جمهورية ألمانيا الديمقراطية سنة 1370هـ الموافق 1951م أرفع أوسمتها بأن قدمت له الجائزة الوطنية الألمانية، واحتفلت به في مؤتمر علمي عقد في العيد المئوي لميلاده (21).

أما إنجازاته العلمية والأدبية فهي أكثر من أن تستوعب في مقال وجيز، أكبر باحث ولذلك اعتبر بالجامعات الأوروبية في النصف الأول من القرن العشرين في مجالات الدراسات السامية وتاريخ التراث العربي، حيث عاش حياة عامرة بالبحث والدراسة العلمية، وحياة علمية حافلة بالتأليف والتصنيف الأكاديمي، وظل يؤلف أكثر من 66عاما، وبسبب تمتعه بالذاكرة القوية والممتازة والجلد والتوجيه العلمي والصفات الأخرى كما مر ذكرها أنجز في حياته وحيدا ما تنوء بإنجازه العصبة القوية (22) حتى بلغ عدد مؤلفاته (555) مؤلفا ما بين تأليف وتحقيق وبحوث ومقالات وتقارير وغيرها (23)، ومما يبعث على الدهشة والإعجاب أنه لم يكن هذا الإنجاز في مجال علمي واحد أو في لغة واحدة بل تنوعت اهتماماته العلمية وبحوثه الفكرية في لغات عديدة. ومن هنا أكتفي في السطور القادمة بذكر بعض مؤلفاته القيمة، والتعليق عليها إذ دعت الحاجة إليها، وهاكم مؤلفاته:

1 ـ علاقة كتاب الكامل لابن الأثير بتاريخ الطبري، ألفه كرسالة دكتوراه كما مر، وهو أول باكورته العلمية.

2 ـ تاريخ الأدب العربي: وهو كتابه الرئيسي والأهم، ومرجع أساسي إلى يومنا هذا في كل ما يتعلق بالمخطوطات العربية وأماكن وجودها، ولا غنى عنه لأي باحث في مجال المخطوطات والأعلام (24).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير