تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقالت الحنابلة: فاعلُ ذلك لا يُصلّى خلفه ولا تُقبل شهادته ولا يُقبل حكمه وإنْ كان حاكماً. وإنْ عُقِدَ النكاح على يده فهو فاسد، والله أعلم.

وقالت الحنفيّة: الحُصُرُ التي يُرقص عليها لا يُصلّى عليها حتى تُغسل والأرضُ التي يُرقصُ عليها لا يُصلّى عليها حتى يحفر ترابها ويُرمى، والله أعلم. انتهى المدخل 3/ 99

10ـ وقال القرطبي المُفسِّر الصوفي في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " 7/ 348 عند تفسيره لقوله تعالى:

{إنما المؤمنون الذين إذا ذُكرَ الله وَجِلَت قلوبهم وإذا تُلِيَت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربّهم يتوكّلون}

فقال رحمه الله: " وصَفَ الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بالخوف والوَجَل عند ذكره. وذلك لقوّة إيمانهم ومراعاتهم لربّهم، وكأنّهم بين يديه. ونظير هذه الآية {وبشّر المُخبتين، الذين إذا ذُكرَ الله وجلت قلوبهم} وقال: {وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله} فهذا يرجِعُ إلى كمال المعرفة وثقة القلب. والوَجَل: الفزع من عذاب الله؛ فلا تناقض. وقد جمعَ الله بين المعنيين في قوله {الله أنزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مَثَانيَ تقشعرُّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثمّ تلينُ جلودُهم وقلوبهم إلى ذكر الله} أي تسكن نفوسهم من حيث اليقين إلى الله وإن كانوا يخافون الله. فهذه حالة العارفين بالله، الخائفين من سطوته وعقوبته؛ لاكما يفعله جُهّال العوامّ والمبتدعة الطَّغام مِنَ الزعيق والزّئير، ومِنَ النُّهاق الذي يُشبه نُهاق الحمير. فيُقال لمن تعاطى ذلك وزعم أنّ ذلك وجدٌ وخشوع: لم تبلغ أنْ تساوي حالَ الرسول ولا حال أصحابه في المعرفة بالله، والخوف منه، والتعظيم لجلاله؛ ومع ذلك فكانت حالهم عند المواعظ الفهْمَ عن الله والبكاء خوفاً من الله. ولذلك وصفَ الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه فقال: {وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعيُنَهُم تفيضُ من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربّنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين}

فهذا وصفُ حالهم وحكايةُ مقالهم. ومنْ لم يكن كذلك فليس على هديهم ولا على طريقتهم؛ فمن كان مُستنَّاً فليستنّ بهم، ومَنْ تعاطى أحوال المجانين والجنون فهو أخسّهم حالاً؛ والجنون فنون. انتهى

11ـ وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره 14/ 58:

قال أبو الفرج: وقال القفّال من أصحابنا: لا تقبلُ شهادة المغنّي والرقاص.

قلتُ: وإذا ثبتَ أنّ هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه لا يجوز. وقد ادعى أبو عمر بن عبد البرّ الإجماع على تحريم الأجرة على ذلك. انتهى

12ـ وسُئل الشيخ الصالح عبد العزيز بن محمد القيرواني المالكي عن قومٍ تسمّوا بالفقراء يجتمعون على الرقص والغناء، فإذا فرغوا من ذلك أكلوا طعاماً كانوا أعدّوه للمبيت عليه، ثمّ يَصِلُونَ ذلك بقراءة عشْرٍ من القرآن والذكر، ثمّ يُغنّون ويرقصون ويبكون، ويزعمون في ذلك كلّه أنهم على قُربة وطاعة ويدعون الناس إلى ذلك ... فما الحكم فيهم وفيمن رأى رأيهم هل تجوزُ إمامتهم وتقبلُ شهادتهم أم لا؟ بيّنوا لنا ذلك.

فأجاب: بأن قال: ..... ولم يكن أحدٌ في مغربنا من هذه الطوائف فيما سلف، إلى أن ظهرت هذه الطائفة الأميّة الجاهلة الغبيّة الذين وَلَعوا بجمع أقوام جهّال فتصدّوا إلى العوام الذين صدورهم سالمة، وعقولهم قاصرة، فدخلوا عليهم من طريق الدّين، وأنهم لهم من الناصحين وأنّ هذه الطريق التي هم عليها هي طريق المحبّين، فصاروا يحضّونهم على التوبة والإيثار والمحبّة وصدق الأخوّة، وإماتة الحظوظ والشهوة وتفريغ القلب إلى الله بالكلّية، وصرفه إليه بالقصد والنيّة. وهذه الخصال محمودة في الدّين فاضلة، إلا أنّ الذي في ضمنه على مذاهب القوم سموم قاتلة، وطامّاتٌ هائلة. وهذه الطائفة أشدُّ ضرراً على المسلمين، منْ مرَدَةِ الشياطين، وهي أصعبُ الطوائف للعلاج، وأبعدها عن فهم طُرُقِ الاحتجاج، لأنهم أول أصلٍ أصّلوه في مذهبهم، بُغضُ العلماء والتنفير عنهم، ويزعمون أنهم عندهم قطّاع الطريق المحجوبون بعلمهم عن رتبة التحقيق، فمن كانت هذه حالته، سقطت مكالمته، وبعدت معالجته، فليس للكلام معه فائدة، والمتكلّم معه يَضْرِبُ في حديدٍ بارد، وإنما كلامنا مع من لم ينغمس في خابيتهم، ولم يسقط في مهواتهم،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير