تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" يدخل وقت طواف الإفاضة بنصف ليلة النحر، وهذا لاخلاف فيه عندنا، قال القاضيان أبو الطيب وحسين في تعليقهما، وصاحب البيان وغيرهم: ـ ليس للشافعي في ذلك نص، إلا أن اصحابنا ألحقوه بالرمي في ابتداء وقته "

وقال ابن قدامة في المغني: ـ

" وأما وقت الجواز، فأوله من نصف الليل من ليلة النحر "

تعليق على هذه الأمثلة

ظهر لنا من خلال هذا العرض المبسط لبعض المسائل المتصلة بفريضة الحج، أن العلماء اختلفوا فيها اختلافا كبيرا، فمن ذاهب إلى القول بسنية طواف الوداع، فالذي يتركه لاشيء عليه، ومن ذاهب إلى القول بوجوبه، فالذي يتركه عليه دم، ومن ذاهب إلى القول بأن أول وقت طواف الإفاضة من بعد منتصف الليل، وقائل بأن أول وقته بعد طلوع الفجر، فمن طاف قبله لايجزئه عندهم، كما أنهم اختلفوا في وجوب ترتيب الجمرات، فالذي يرى الوجوب يبطل فعلها غير مرتبة، والذي

يرى عدم الوجوب يصحح الفعل، ولا إعادة عنده، وقد سبق ذكر الاختلاف في أول وقت الوقوف بعرفة بين الحنابلة القائلين بأنه يبدأ فجر يوم عرفة، والجمهور القائلين بأنه من زوال الشمس، وكل هذه المسائل أخذت من فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي هو بيان للواجب، وكان هذا الخلاف بين العلماء موضع قبول قديما وحديثا، لعدم وجود نص قطعي الثبوت والدلالة يحسم القضية، ومسألة رمي الجمار في أيام التشريق دليلها من جنس دليل هذه الأفعال، والتي لا دليل عليها إلا فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي هو بيان للواجب، فلم لا تدخل هذه المسألة أيضا، ضمن الخلاف المعتبر كنظائرها من المسائل المذكورة؟!!!!!!!!

بل المسائل المذكورة منها ماهو أقوى من مسألتنا، فطواف الإفاضة والوقوف بعرفة مثلا من الأركان، ورمي الجمار من الواجبات، وكلاهما حصل الخلاف في بداية وقته، فالنكير على الخلاف في أول وقت طواف الإفاضة والوقوف بعرفة ينبغي أن يكون أولى لركنيتهما، فمعلوم أن الركن أقوى من الواجب.

و بالنظر الفاحص في مجموع أدلة القائلين بالجواز، لاسيما الأدلة التي لم نرد عليها، وهي: ـ (الدليل الثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، والسادس عشر) مع ماذكرناه من الأسس التي اعتمد عليها رأيهم، نجد أن لها حظا من النظر، بحيث لايستطيع الفقيه ردها بمجرد سماعها، بل يتوقف ذهنه عندها، ويعلق نظره بها، بما يجعلها من نوع الخلاف المعتبر، وإنما ذكرنا الرد عليها من خلال ماذكره المانعون، لبيان موقفهم بدليله، ولأن قولهم أقوى كما ذكرنا، وقد تركنا الرد على بعض الأدلة لقوتها.

** المبحث الرابع **

** موقفنا من رأي القائلين بالجواز **

أولاً: ـ ما نقل عن عطاء وطاووس بالجواز مطلقاً: ـ تبين لي بعد البحث الجاد في كتب السنن والآثار والمصنفات، أن ما ورد عنهما مما تناقلته كتب الفقه لا سند له يعتمد عليه.

ثم وجدت أن أقوالهما تُنقل أحياناً بالجواز مطلقاً، وأحياناً أخرى بالجواز مقيدا بالجهالة عن عطاءً، ـ كما سبق ذكره ـ فمن نقله عنهما مطلقاً ابن حجر في الفتح والبدر العيني في عمدة القارئ، وممن نقله مقيداً بالجهل عن عطاء محب الدين الطبري وقد سيق إيراد الآثار التي تثبت أن عطاء عمل بخلاف المنقول عنه، كما أفتى بخلافه أيضا، وأن طاووساً فعل هذا وهذا مما يدل على جواز الأمرين عنده.

ثانياً: ـ ما نقل عن ابي حنيفة في غير ظاهر الرواية: ـ

غير ظاهر الرواية أدنى درجة من المشهور من ظاهر الرواية، وعلماء المذهب على أنه أدنى اعتبارا من المشهور عند التعارض، ولذلك جزموا في هذه المسألة بأن المذهب هوالرواية المشهورة، وأما الرواية غير المشهورة، فخلاف ما يفتى به في المذهب الحنفي.

وممن لم يعتمدها وشنع عليها أخواجان، وقد ذكرأن أهل الكتب الموثوقة للحنفية نقلوها من باب الرواية والعلم، لا من باب اعتمادها و الأخذ بها، لأنها خلاف المفتى به عندهم، وقد قال في رده لهذه الرواية مبينا عدم اعتمادها أو العمل بها: ـ

" وقد تقرر في كتبنا أنه لا يُعدل عن العمل بظاهر الرواية إلا إذا صُحّح خلافه في كتاب مشهور تلقته الفحول بالقبول كالهداية والكافي ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير