إلاَّ أنَّ الشيخ رحمه الله كان قد حصل على إجازةٍ خاصَّة في علم التفسير من العلاَّمة الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله، والشيخ سعد رحمه الله من تلامذة العالم الكبير و المفسِّر الشهير صديق حسن خان رحمه الله، و لذلك فقد اشتُهِرت مجالس التفسير التي كان يعقدها الشيخ فيصل ـ رحمه الله ـ لطلبة العلم، و كان تفسيره القيم (توفيق الرحمن في دروس القرآن) حصيلة سنوات عديدة أمضاها رحمه الله في رحاب كتاب الله عزو جل وتفاسيره المتعدِّدة.
قال مؤلفوا "الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير" عن تفسير الشيخ فيصل: (عند مراجعة تفسير (توفيق الرحمن في دروس القرآن) وجدناه تفسيراً على نهج السلف الصالح في كلِّ شيء، وخاصَّة في آيات الصفات والآيات المتشابهات و غيرها).
و كثيراً ما نوَّه العلاَّمة الشيخ عبدالكريم الخضير بهذا التفسير، فقال حفظه الله في بعض دروسه: (تفسير الشيخ فيصل المبارك المسمَّى (توفيق الرحمن في دروس القرآن) تفسير مختصرٌ مستمدُّ من الطبري و البغوي و ابن كثير، و ليس بمنتشرٍ بين طلبة العلم ـ مع الأسف ـ، وهو مفيدٌ جداًّ، نافعٌ في بابه، يحتاجه طالب العلم، لا سيما إذا ضاق الوقت عن الرجوع إلى الأصول المذكورة)، و قد انتخَبَ الشيخ الخضير حفظه الله هذا التفسير، بل وثنَّى به بعد "تفسير الشيخ ابن سعدي"، ضمن بضعة تفاسير يُفِيد منها طالب العلم.
ـ و يرى الشيخ فيصل ـ رحمه الله ـ أن ألفاظ القرآن واضحة المعاني ظاهرة الدلالة، و أنَّ غالب معاني القرآن الكريم واضحة لا تحتاج إلى تفسير، بل يُعرف معناها بمجرد سماعها، ولذلك تعبَّدنا الله عزو جل بقراءة كتابة العظيم والرجوع إليه في الأحكام، و في معرفة الحلال والحرام، و يستشهد في ذلك بقول ابن عباس رضي الله عنهما:
(التفسير على أربعة أوجه: تفسير لا يُعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العرب في كلامها،و تفسير لا يعلمه إلاَّ العلماء، و تفسير لا يعلمه إلاَّ الله عزوجل).
ـ قال الشيخ رحمه الله في مقدمة تفسيره: (والمقصود أن من كان لسانه عربيا و فطرته مستقيمة يعرف معنى القرآن بمجرد سماعه، وكثيرا ما يسألني الأعراب وغيرهم عن مسائل غامضة في الأيتام فأتلو عليهم قول الله تعالى: {و بسئلونك عن اليتمى قل إصلاح لهم خير و إن تخالطوهم فإخوانكم و الله يعلم المفسد من المصلح}، فيعرفون الجواب بِمجرد التلاوة و يقنعون، فإذا انضم إلى العربية و الفطرة السليمة معرفة سيرة النبي صلى الله عليه و سلم كان ذلك نورا على نور)
ـ وينبِّه الشيخ رحمه الله بعد ذلك على منهجه في التفسير قائلاً:
(لم أبيِّن التفسير في بعض المواضع، لأنه يظهر للعالم من سياق الآيات وكلام العرب الموجودين،خصوصاً من نشأ في يلادهم، وتجوَّل فيها، فإنه يكاد يفسِّر القرآن، ولو لم يسمع الآثار).
و هذا المنهج في دراية التفسير يتمشَّى و ينسجم مع منهج التيسير العام في العلوم الشرعية و الذي يتجلَّى واضحا في سائر تراث الشيخ فيصل العلمي، و القارئ في تآليف الشيخ رحمه الله يسترعي انتباهه اعتناء الشيخ رحمه الله بالتفسير، بل ويجِدُ نفَسَ المفسرين في كثيرٍ من كُتبه.
ـ و (توفيق الرحمن في دروس القرآن) تفسير مختصرٌ مستمدُّ من الطبري و البغوي ابن كثير، إلاَّ أن الشيخ رحمه الله أفاد من غيرها من التفاسير كتفسير ابن عطية و القرطبي، و كذلك فقد أفاد من جامع البيان للأيجي الشافعي في وقتٍ لم يكن ذلك التفسير معروفاً لدى طلبة العلم.
أخبرني الشيخ العلاَّمة عبدالله بن عبدالعزيزالعقيل - حفظه الله - أن الشيخ فيصل رحمه الله كان يورد بعض الفوائد في مجالس التفسير التي كان يعقدها، قال الشيخ عبدالله - حفظه الله - فسألنا الشيخ فيصل عن المصدر الذي يستقي منه تلك الفوائد فأتانا بنسخةٍ قديمة مطبوعة من "تفسير الأيجي" قد لُفَّت في قماش، ففال الشيخ عبدالله - حفظه الله -: فلا زلت بعدها حريصاً على اقتناء ذلك التفسير، حتى وجدته بعد مدَّة طويلة يباع ضمن تركة بعض أهل العلم فاشتريته.
¥