وشعبان، ورواه عمر بن أبي قيس عن ابن أبي ليلى فلم يذكر فيه رجباً وهو أصح).13
وقال أبو بكر الطرطوشي في كتاب "البدع والحوادث" له: (يكره صوم رجب على ثلاثة أوجه، أحدها أنه إذا خصه المسلمون بالصوم من كل عام حسب العوام إما أنه فرض كرمضان، وإما سنة ثابتة كالسنن الثابتة، وإما لأن الصوم فيه مخصوص بفضل ثواب على صيام باقي الشهور.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه، حديث صحيح يصلح للحجة، وقد سبقني للجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي14 الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره).15
ثم سرد عدداً من الأحاديث الشائعة على الألسن، منها أربعة عشر حديثاً ضعيفاً ومنها أربعة وعشرون حديثاً موضوعاً، ومعلوم أنه لا يجوز العمل بالأحاديث الضعيفة لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها، في فضل رجب والصيام والقيام فيه، ومراد الذين أجازوا العمل بالحديث الضعيف في فضائل أمثال عبدالرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل من الأئمة، يعنون بذلك الحديث الحسن كما بينا، إذ تقسيم الأحاديث إلى صحيح وحسن وضعيف لم يظهر إلا في عهد الترمذي، وكان قبل ذلك تقسم الأحاديث إلى صحيحة وضعيفة.
ه. الاعتمار في رجب عامة، وفي ليلة 27 منه على وجه الخصوص
لم يرد نص في فضل الاعتمار في رجب ولا تخصيص ليلة سبع وعشرين بعمرة، بل كل عُمَر الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في ذي القعدة، وإن استحب بعض أهل العلم الاعتمار في غير أشهر الحج لتعمير البيت في سائر العام، في رجب وغيره.
قال الحافظ ابن رجب: (أما الاعتمار في رجب فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب فأنكرت ذلك عائشة عليه، وهو يسمع، فسكت، واستحب الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب وغيره، وكانت عائشة تفعله وابن عمر أيضاً، ونقل ابن سيرين عن السلف أنهم كانوا يفعلونه، فإن أفضل16 الأنساك أن يؤتى بالحج في سفرة، والعمرة في سفرة أخرى في غير أشهر الحج، وذلك من جملة إتمام الحج والعمرة المأمور به كذلك، قاله جمهور الصحابة كعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم).17
و. الاحتفال بليلة سبع وعشرين من رجب على أساس أنها ليلة الإسراء والمعراج، وإقامة الرجبيات والعطلة في نهارها
من البدع المحدثة الاحتفال بليلة سبع وعشرين من رجب على أساس أنها الليلة التي أسري فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرج به.
وقد تنوزع في تاريخ الإسراء والمعراج واختلفوا، والراجح أنه في غير رجب، فمنهم من قال في ربيع الثاني، ومنهم من قال في رمضان، وقيل قبل البعثة وقيل بعدها، ولو صحَّ أنه في ليلة سبع وعشرين لما جاز الاحتفال بها، لعدم وجود الدليل على ذلك.
بل لقد صح أنه لم تكن هناك حوادث عظيمة في رجب قط.
الاختلاف في ليلة الإسراء والمعراج
قال النووي رحمه الله قال القاضي عياض رحمه الله: ( .. فإن الإسراء أقل ما قيل فيه أنه كان بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر شهراً، وقال الحربي: كان ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة؛ وقال الزهري: كان ذلك بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم بخمس سنين؛ وقال ابن إسحاق: أسري به صلى الله عليه وسلم وقد فشا الإسلام بمكة والقبائل؛ وأشبه هذه الأقوال قول الزهري وابن إسحاق، إذ لم يختلفوا أن خديجة رضي الله عنها صلت معه صلى الله عليه وسلم بعد فرض الصلاة عليه، ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة بمدة، قيل بثلاث سنين، وقيل بخمس، ومنها أن العلماء مجمعون على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء، فكيف يكون هذا قبل أن يوحى إليه).18
وقال ابن رجب الحنبلي: (وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة، ولم يصح شيء من ذلك، فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في أول ليلة منه، وأنه بعث في السابع والعشرين منه، وقيل في الخامس والعشرين، ولا يصح شيء من ذلك، وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان في سابع وعشرين من رجب، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره).19
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (وذكر بعض القصاص أن الإسراء كان في رجب، وذلك كذب).20
ـ[المحلاوي]ــــــــ[14 - 08 - 05, 07:30 م]ـ
حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج
للعلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله
¥