وقال ابن النحاس في المشارع (1/ 99): (ولا يجب الجهاد على صبي ومجنون وامرأة .. وما أظن فيه خلافاً).
متى يتعين الجهاد على المرأة؟
قلت: وإذا تعين القتال في الأحوال الثلاثة التي ذكرها أهلُ العلم، تعين القتال على المرأة المسلمة دفاعاً عن دنيها وعرضها كما نصّ عليه العلماء.
قال ابن النحاس في مشارع الأشواق (1/ 102): (ولو علمت المرأة أنها لو استسلمت امتدت الأيدي إليها لزمها الدفع، وإن كانت تُقتل؛ لأنّ من أكره على الزنا لا تحل له المطاوعة لدفع القتل).
وقال الدرديرُ في الشرح (2/ 174): (وتعين الجهاد بفجيء العدو على قوم، وإن توجه الدفع على امرأة ورقيق وتعين على من بقربهم إن عجزوا عن كف العدو بأنفسهم وتعين أيضاً بتعيين الإمام شخصاً ولو امرأة وعبداً).
هل يجوز إشراكُ المرأة في الجندية؟
أثار عدد من الكُتّاب قضية إشراك المرأة في قطاع الجندية اعتماداً على كونها كانت تخرج للجهاد والغزو كما ثبت ذلك في أحاديث صحيحة وفيما يلي بعضاً من أقوالهم وعرضاً لبعض شبههم.
يقول محمود شيت خطاب ([1]): (ولا يقتصر التجنيد على الرجال البالغين بل يشمل النساء البالغات أيضاً، فقد استصحب الرسولُ النساء في غزواته بل كان يصحب أزواجه بالاقتراع، ولا يعترض أحد على اشتراك النساء في الحرب على عهد الخلفاء الراشدين والأمويين فلما جاء العباسيون ظهر بعض الفقهاء الجامدين فأضافوا إلى شروط الخدمة العسكرية شرطاً خامساً وهو الذكورة فحرموا الجيش من عنصر فعال يزيد عدده ومعنوياته).
وقال د/ محمد خير هيكل في (الجهاد والقتال 12/ 123) (لا يمنعُ من فتح باب الجيش النظامي لعناصر نسائية إذا دعت المصلحة إلى ذلك حسب تقدير صاحب السلطة في هذا الشأن ما دام الجهاد في الأصل ليس ممنوعاً عن المرأة وما الجيش النظامي في دوافعه إلا أداة للقيام بالجهاد على الوجه الأفضل فإذا أجزنا للمرأة الجهاد فهذا يعني أنّ الدخول في الأداة التي تمكنها من القيام بالجهاد وهي الجيش النظامي يكون جائزاً بطبيعة الحال).
وممّا استندوا عليه في هذه المسألة ما ثبت في أحاديث صحيحة أنّ النساء كن يخرجن للغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك:
ما ثبت في صحيح البخاري:
من حديث الرُبيّع بنت معوِّذ قالت: (كُنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقى ونداوى الجرحى، ونرد القتلى إلى المدينة). [البخاري: 2726].
وفي صحيح مسلم:
عن أم عطية الأنصارية قالت: (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى). [مسلم: 1812].
في مصنف عبد الرزاق (9672) قال عبد الرزاق عن معمر عن إبراهيم وسئل عن جهاد النساء؟ فقال: كُنَّ يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيداوين الجرحى، ويسقين المقاتلة، ولم أسمع معه بامرأة قُتلت، وقد قاتلن نساء قريش يوم اليرموك حين رهقهم جموع الروم حتى خالطوا عسكر المسلمين فضرب النساء يومئذ بالسيوف في خلافة عمر رضي الله عنه.
الجواب:
لا ريب أنّ خروج النساء مع النبي صلى الله عليه وسلم كان تطوعاً منهن – رضي الله عنهن – بحضرة محارمهن وكُنِّ يتولين مهاماً مساندة من مدواة الجرحى وسقاية العطشى ونحو ذلك وأما قيامهن بمهام قتالية فكان ذلك عند حاجتهن للدفاع عن أنفسهن ولذا استغرب النبي صلى الله عليه وسلم حمل أم سُليم للخنجر يوم أحد، فعن أنس أنّ أم سُليم (اتخذت يوم حُنين خنجراً فكان معها فرآها أبو طلحة فقال: يا رسول الله، هذه أم سُليم معها خنجر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا الخنجر؟ قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرتُ به بطنه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ... الحديث [مسلم: 1809].
وحتى زوجها أبو طلحة، لم يكن على علم بحملها الخنجر إلا بعد أن رآه بيدها. وأين هذا من أوضاع الجندية اليوم حيث اللباس العسكري المتبرج واختلاط المرأة بالجنود والضباط والقادة العسكريين بلا محرم وغير ذلك من المفاسد.
¥