وهو شرط في وجوب الجهاد للحديث الصحيح أنّ عائشة رضي الله عنها قالت: (قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل على النساء جهاد؟ فقال: جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة).
وللإجماع على أنّ النساء لا يلزمهن الجهاد وسيأتي ذكر من نقل الإجماع من أهل العلم – إن شاء الله –
ولأنهن ضعيفات الأبدان، عاجزات عن مقاتلة الرجال بلا شك.
6 / القدرة:
والقدرة يراد بها: قدرة البدن على القتال والكرّ والفر، وقدرة المال بأن يكون معه ما يكفيه للانتقال إلى ساحة القتال ويكفيه من التجهز للجهاد.
وقد ذكر الله البكاءين الذين عجزوا عن مؤنة الجهاد فرفع عنهم الحرج فقال سبحانه: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ألا يجدوا ما ينفقون).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه إنّي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من الأشعريين نستحمله فقال: (والله، لا أحملكم وما عندي ما أحملكم , وأُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنهب إبل فسأل عنّا فقال أين النفر الأشعريون فأمر لنا بخمس ذود غرّ الذرى فلما انطلقنا قلنا:: ما صنعنا؟!، لا يبارك لنا!! فرجعنا إليه فقلنا: إنا سألناك، أن تحملنا فحلفت أن لا تحملنا أفنسيت؟؟، قال: لست أنا حملتكم، ولكن الله حملكم. إنّي والله، إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها. [البخاري: 2964] [مسلم: 1649].
وجه الدلالة: أنّ الأشعريين لمّا لم يجدوا رواحل تحملهم جلسوا ولم يخرجوا للجهاد، وعذرهم الرسول صلى الله عليه وسلم فلما بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإبل خرجوا بعد ذلك.
حُكْمُ جهاد النساء في المذاهب الأربعة:
الأحناف:
قال الكاساني في البدائع: (7/ 98): (و لا جهادَ على الصبي والمرأة لأنّ بنيتهما لا تحتملُ الحربَ عادة).
المالكية:
قال الدسوقي في حاشيته: (2/ 175): (ولا يلزم الصبي والأنثى وهذا إذا لم يُعيَّنا أو عُيِّنا غير مطيقين وإلا لزمهما).
وقال العدوي في حاشيته (2/ 4): (وهو فرضُ كفاية على الحرِّ الذكر المحقق العاقل البالغ القادر لا على أضدادهم).
قوله: (لا على أضدادهم)، أي: لا جهاد على العبد والأثنى والمجنون والصغير والعاجز.
الشافعية:
قال الشافعي في الأم: (4/ 162): (فلما فرض الله تعالى الجهاد دلّ في كتابه، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أنه لم يفرض الخروج إلى الجهاد على مملوك أو أنثى بالغ ولا حر لا يبلغ .. وقد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (حرّض المؤمنين على القتال) فدلّ على أنّه أراد بذلك الذكور دون الإناث؛ لأنّ الإناث: المؤمنات.
وقال عز وجل: (وما كان المؤمنون ليفروا كافة) وقال: (كُتب عليكم القتال) وكلّ هذا يدل على أنّه أراد به الذكور دون الإناث).
قال في المهذب: (ولا يجب الجهاد على المرأة لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجهاد؟ فقال جهادكن: الحج، أو حسبكن الحج، ولأنّ الجهاد هو القتال وهن لا يقاتلن). [المهذب مع المجموع 19/ 270].
قال ابن حجر في الفتح (6/ 76): (وقال ابن بطال: دلّ حديث عائشة على أنّ الجهاد غير واجب على النساء ... وإنما لم يكن عليهن واجباً لما فيه من مغايرة المطلوب منهن من الستر ومجانبة الرجال).
وقال ابن النحاس في مشارع الأشواق (1/ 99): (ولا يجب الجهاد على صبي ومجنون وامرأة، ومن به مرض يمنع من القتال). ..
الحنابلة:
قال ابن قدامة في (الكافي: 4/ 253) وهو يعدد شروط الحج: والرابع: الذكورية، فلا يجب على المرأة لما روى عن عائشة أنها قالت: قلت: يا رسول الله، هل على النساء جهاد؟ قال جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة، ولأنّ الجهاد، القتال والمرأة ليست من أهله لضعفها وخورها).
وكذا قال في المغني (9/ 162): (وأما الذكورية فشرط .. ثم ساق نحو كلامه هذا.
قلت: وقد نفل الإجماع غير واحد على أنّه ليس بفرض في أصله على جنس النساء.
قال ابن المُناصف (ص 107): (واتفقوا كذلك أنّ المرأة ومن لم يبلغ، والمريض الذي لا يستطيع القتال لا جهادَ فرضاً عليه:)
¥