وقال ابن باز: " المَحْرَمُ: هو الرجل الذي تَحْرُمُ عليه المرأة بنسب كأبيها وأخيها أو بسبب مباح كالزوج وأبي الزوج وابن الزوج، والابن من الرضاع والأخ من الرضاع ونحوهم) [الفتاوى: 8/ 336] [مجلة الدعوة عدد 1497.
حكم سفر المرأة بلا محرم:
نقل بعضُهم أنه لا خلاف بين أهل العلم في تحريم سفر المرأة بلا محرم إلا أنهم اختلفوا في سفرها للحج إذا أمنت الطريق ووجدت الرفقة من النساء المأمونات.
قال القاضي عياض: " اتفق العلماء على أنّه ليس لها أن تخرج غير الحج والعمرة، إلا العجزة من دار الحرب فاتفقوا أنّ عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها محرم " (الفتح الرباني ص 170).
وقال البغوي فيما نقله عن ابن حجر في فتحه (4/ 76): " لم يختلفوا في أنّه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت "
وقد عدّ ابنُ حجر الهيثمي سفر المرأة وحدها بطريق تخاف فيه على بُضعها من الكبائر فقال:
" الكبيرةُ المائة: سفرُ المرأة وحدها بطريق تخاف فيه على بضعها .. ثم قال: تنبيه: عدُّ هذا بالقيد الذي ذكرته ظاهر لعظيم المفسدة التي تترتب على ذلك غالباً، وهي استيلاء الفجرة وفسوقهم بها فهو وسيلة إلى الزنا، وللوسائل حكم المقاصد، وأما الحُرمة فلا تتقيد بذلك، بل يحرم عليها السفر مع غير المحرم وإن قصر السفر، وكان أمناً، ولو لطاعة كنفل الحج أو العمرة ولو مع النساء من التنعيم، وعلى هذا يحمل عدهم ذلك من الصغائر " [الزواجر 1/ 150]
وقال الشيخ بكر أبو زيد في الحراسة ص 85: " ومن الأحكام: تحريم سفر المرأة بلا محرم، والأحاديث فيه متواترة معلومة "
قلت: ورغم ما نقله القاضي عياض والبغوي من الإجماع على تحريم سفر المرأة بلا محرم إلا إن المسألة لا تخلو من خلاف هذا ملخصه:
القول الأول:
ذهب أبو حنيفة وأحمد والشافعي وجماهير أصحابه إلى تحريم السفر بلا محرم في كل سفر مباح أو حج تطوع أو نحوهما إلا أنّ أبا حنيفة يشترط المحرم في السفر الطويل لا القصير وهو ما كان مسيرة ثلاثة أيام إلا أنّه قيده بالحاجة.
وعن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهية خروجها وحدها مسيرة يوم واحد قال ابن عابدين: وينبغي أن يكون الفتوى عليه لفساد الزمان ويؤيده حديث الصحيحين: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها))
وفي لفظ مسلم ((مسيرة ليلة)) وفي لفظ " يوم " ينظر الحاشية (2/ 465)
قلت: وحجةُ الحنفية في التفريق بين السفر الطويل والقصير ذكرها الحافظ في الفتح (4/ 75): " وحجتُهم أنّ المنع المقيد بالثلاث متحقق، وما عداه مشكوك فيه، فيؤخذ بالمتيقن ..
ثم أجاب الحافظ عن هذه الحجة فقال: " ونوقض بأنّ الرواية المطلقة شاكلة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما عداها فإنّه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفية تقديم الخبر العام على الخاص وترك حمل المطلق على المقيد، وقد خالفوا ذلك هنا "
وقال النووي في المجموع (8/ 341): " قالوا – أي الشافعية – فإن كان الحج تطوعاً، لم يجز أن تخرج فيه إلا مع محرم، وكذا السفر المباح، كسفر الزيارة والتجارة، لا يجوز خروجها في شيء من ذلك إلا مع محرم أو زوج ..
قال الشيخ أبو حامد – في تعليقه – لا يجوز لها الخروج في حج التطوع إلا مع محرم، نصّ عليه الشافعي في كتاب العدد من الأم، فقال لا يجوز الخروج في حج التطوع إلا مع محرم ..
قلت: وقد قرر النووي – رحمه الله - أنّ الصحيح من مذهب الشافعية أنّه لا يجوز للمرأة السفر لغير الحج الواجب إلا بمحرم، ينظر: المجموع (8/ 343).
ونقل عن الحافظ في الفتح (4/ 75): " وقال النووي: كل ما يُسمّى سفراً فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم "
أدلةُ تحريم سَفَرِ المرأةِ بلا مَحْرَم:
دلّت الأحاديثُ الكثيرة الصحيحةُ الصريحةُ على تحريم سفر المرأة بلا محرم، صيانة لها من الأخطار، وحفظاً لها من الأضرار ورغبة في سلامتها، ورعايتها سيما في هذه الأزمان المتأخرة التي كثرت فيها الشرور، وعمّت خلالها نوائب الدهور والعصور.
ومن هذه الأدلة:
¥