تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2. يفهم من كلام الشيخ أن ابن بسر رضي الله عنه قال " لا لك و لا عليك " للذي لا يعلم أن صوم السبت منهي عنه وهو يطمع في أجر الصيام، أما الذي يعلم النهي فليس مخاطباً بالشطر الثاني " لا عليك " بل بالأول فقط " لا لك " ومعناها عند الشيخ هو لا يشرع لك. و كلام الشيخ رحمه الله يحمل في طياته أكبر دلالة على أن ابن بسر رضي الله عنه راوي حديث النهي ـ إن صح ـ لم يكن يقول بحرمة صيام السبت، وبيان ذلك أن السائل في الحديث قد جاء مستفتياً ابن بسر عن صيام السبت ـ علم بحديث النهي أو لم يعلم ـ فهل يسع ابن بسر رضي الله عنه إن كان يعتقد حرمة صيامه أن يكتم هذا العلم؟ اللهم لا!

ومقارنة بسيطة ستؤكد هذا المعنى إن شاء الله، فها هو الشيخ الألباني رحمه الله يُسأل مراراً و تكراراً عن صيام السبت فما سمعناه يوماً راعى حال المستفتي ـ أعني كونه يعلم بحديث النهي من عدمه ـ بل يبادر ببيان الحكم الذي يدين الله عز وجل به، و هذا ظننا بالشيخ، وظننا بأصحاب النبي عليه السلام أفضل فما كان لأحدهم أن يكتم علماً علمه الله إياه.

ونحن ما سمعنا الشيخ قال يوماً لسائله: صيام السبت لا لك و لا عليك، و لا أظن أن أحداً من الذين يقولون بقوله يستطيع أن يجيب سائلاً عن صيام السبت بقوله " لا لك و لا عليك ".

إذاً لو كان السائل لا يعلم بالنهي عن صوم السبت لم يحل لابن بسر رضي الله عنه أن يكتم عنه حرمة صومه إن كان كذلك عنده فلايتصور والحال كذلك أن يقول له لا عليك، أما إن كان السائل يعلم بالنهي ويعتقد أنه للحرمة فما معنى أن يقول له لا عليك سوى أن يفهمه أن هذا النهي ليس للتحريم؟

و في الشريط رقم 166 قال رداً على من سأل عن معنى "لا عليك": قبل كل شيء افهم الأولى، لا لك ماذا تعني؟ قال محاوره: أفهم أن المعنى لا أجر لك. قال الشيخ: فشيء لا أجر لك فيه [كلام غير واضح] فإذا فعلته في هذه الحالة فما يكون حكمك؟ المحاور: إذا أجبت فأنا أجيب بالعبارة التالية "لا عليك". الشيخ: لا ما تستطيع، لأنك بذا لا تكون قد مشيت مع العلم، بعبارة أخرى ما حكم من يتعبد بما ليس بعبادة؟ المحاور: ابتداع في دين الله. الشيخ: فما حكم الابتداع في دين الله؟! المحاور: حرام. الشيخ: إذاً فتأخذ من الحديث الموقوف ما يناسب المرفوع [يعني رحمه الله حديث لا تصوموا يوم السبت ... ] و لاتأخذ منه ما يباينه و يخالفه، إذاً قوله لا لك أي لا يشرع لك، فإذا عرفت ذلك استغنيت عن الاعتماد على تمام الحديث. ثم استشهد رحمه الله بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: من صام الدهر فلا صام و لا أفطر، فقال: هذا ما فيه نهي لكن فيه إخبار أنه ضيع وقته وعطشه وجوعه سدىً، و أخيراً يأتي ابتداع في الدين، لذا جاء في الحديث الآخر من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا، فهذا الحديث الموقوف ينفعنا نحن في الشطر الآخر، صيام يوم السبت لا لك، ما يضرنا آخره، لا عليك، لأننا نأخذ من الكلام الموقوف ما يوافق الكلام المرفوع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام

1. إن قوله رحمه الله أن صيام السبت تعبد بما ليس بعبادة غير مسلم، لأن هذا هو رأس المسألة فالاحتجاج به يكون من باب إثبات الشيء بنفسه.

2. يفهم من كلامه رحمه الله أن التعبد بما لا أجر للمرء فيه تعبد بما ليس بعبادة و هذا التعبد ابتداع في الدين فيكون محرماً ومن ثم لا يشرع، وهو ما ينطبق على صيام السبت في غير الفريضة لقول ابن بسر رضي الله عنه " لا لك ".

ويجاب عن ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر" وقد صححه الشيخ في صحيح الترغيب والترهيب، قال المناوي في فيض القدير (قال الغزالي قيل هو الذي يفطر على حرام أو من يفطر على لحوم الناس بالغيبة أو من لا يحفظ جوارحه عن الآثام ورب قائم أي متهجد في الأسحار ليس له من قيامه إلا السهر كالصلاة في الدار المغصوبة وأداها بغير جماعة لغير عذر فإنها تسقط القضاء ولا يترتب عليها الثواب ذكره الطيبي) فهاتان عبادتان قد فقد فاعلهما أجرهما و ثوابهما لا لكونهما لا تشرعان في أصلهما بل لخارج عنهما، فقول ابن بسر لا لك يمكن حمله على من خصه بالصيام مثلاً و لا يمكن حمله على معنى لا يشرع ـ أي يحرم ـ لأن ما يحرم لا يقال لفاعله " لا عليك".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير