تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3. أما قوله رحمه الله أننا نستغني بالشطر الأول " لا لك " عن الثاني " لا عليك "، فكيف يكون ذلك؟ إننا إذا أردنا أن نفهم مراد أي شخص من عبارته فلا يكفي أن نأخذ منها جزءاً و ندع الآخر، و إلا فلن يكون من الممكن الوصول لمراده.

4. الشيخ رحمه الله يقر ضمناً أن عبارة " لا عليك " تخالف فهمه لحديث النهي المرفوع وذلك بقوله و لا تأخذ منه ـ أي الموقوف ـ ما يباينه و يخالفه ـ أي المرفوع ـ، ومخالفة هذه العبارة للقول بحرمة صوم السبت في غير الفريضة واضح بحمد الله فالفعل الذي لا يكون عليك لا يمكن بحال أن يكون محرماً.

5. أما قوله رحمه الله أننا نأخذ من الكلام الموقوف ما يوافق المرفوع ففيه:

• إن عبد الله بن بسر هو راوي الحديث المرفوع ـ إن صح ـ فقوله الموقوف حجة لأنه لم يعلم له مخالف من الصحابة وهو فهم السلف في هذه المسألة الذي يجب أن يرجع إليه لعدم المخالف، إذا تبين ذلك فلا بد من أخذ كلامه كاملاً لأنه هو المبين للمرفوع و يوافقه، و لا يمكن أن نجعل فهمنا للحديث المرفوع الذي لم يقل به أحد من قبل هو القاضي على كلامه فنحكم على بعضه أنه موافق للمرفوع وعلى الباقي أنه مباين له! فإذا وجدنا بعض كلامه مبايناً لما فهمناه من المرفوع فهذا دليل واضح على خطأ فهمنا فيجب تصحيحه في ضوء كلامه رضي الله عنه لا العكس.

• لمخالف الشيخ رحمه الله أن يقول ونحن نأخذ من الموقوف ما يوافق الأحاديث المستفيضة في إباحة صيام يوم السبت وهو قوله " لا عليك " و لا يضرنا الشطر الأول، والصواب هو الأخذ بالعبارة كاملة كما سبق.

6. أما استشهاده رحمه الله بحديث صيام الدهر فيفهم منه أن قول "لا لك و لا عليك" يشبه قوله عليه السلام فلا صام و لا أفطر في إفادة التحريم، ويجاب عن ذلك أن أحداً لم يقل بحرمة صوم الدهر خلا ابن حزم رحمه الله قال الحافظ في الفتح ( ... وإلى كراهة صوم الدهر مطلقاً ذهب إسحاق وأهل الظاهر وهي رواية عن أحمد وشذ بن حزم فقال يحرم)

وقد سئل الشيخ الألباني رحمه الله في الشريط (438) هل يعتد بتفرد ابن حزم؟ فقال: (إن كان تفرد دون الأئمة فلا يعتد به، أما إن وافق مَنْ قبله فينظر حينئذ في المسألة من حيث الدليل) فتفرد ابن حزم بالقول بحرمة صوم الدهر لا يعتد به، إذاً فأقصى ما يدل عليه قوله عليه السلام " لا صام و لا أفطر" هو الكراهة، وبالتالي فأقصى ما تدل عليه عبارة " لا لك و لا عليك" هو الكراهة أيضاً. ومن جهة أخرى فقد قال الحافظ (لأنه صلى الله عليه وسلم قد قال جوابا لمن سأله عن صوم الدهر لا صام ولا أفطر وهو يؤذن بأنه ما أجر ولا أثم ومن صام الأيام المحرمة لا يقال فيه ذلك لأنه ثَمَّ من أجاز صوم الدهر الا الأيام المحرمة يكون قد فعل مستحباً وحراماً وأيضاً فإن أيام التحريم مستثناة بالشرع غير قابلة للصوم شرعاً فهي بمنزلة الليل وأيام الحيض فلم تدخل في السؤال ثَمَّ من علم تحريمها ولا يصلح الجواب بقوله لا صام ولا أفطر لمن لم يعلم تحريمها) و لا يخفى أن عبارة لا لك و لا عليك أوضح في الدلالة على هذا المعنى: ما أجر و لا أثم، و أنه لو كان يحرم صوم السبت فلا يقال لمن صامه لا لك و لا عليك، وأنه لا يصلح الجواب بقول ابن بسر " لا لك و لا عليك " لمن لم يعلم تحريم صيام السبت كما تقدم قريباً.

7. أما قول ابن بسر رضي الله عنه لا لك و لاعليك، فإن الشيء الذي إن فعلته يكون لا لك ولا عليك إنما هو المباح، وقد يشكل هذا لأن الصوم عبادة فإن جاز صيام السبت فلا بد أن يكون لصومه أجر فلا ينطبق عليه قوله لا لك، والجواب أنه ربما أراد أن ينبه السائل أنه لم يرد شيء يخص صيام السبت بفضيلة خاصة حتى يسأل عنه بعينه، فيكون صومه جائزاً، مثل باقي الأيام التي لم يرد في صومها بعينها شيء، و لا إشكال في هذا عند من لا يصح عنده حديث لا تصوموا السبت لأن عدم الصحة يعني أن ابن بسر رضي الله عنه لم يرو هذا الحديث عن النبي عليه السلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير