تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول " محمود أبو رية ": " إنهم - أي العلماء - أعلوا أحاديث كثيرة مما رواه البخاري و مسلم، وكذلك نجد في شرح ابن حجر للبخاري و النووي لمسلم استشكالات كثيرة، وألف عليهما مستخرجات متعددة، فإذا كان البخاري و مسلم - وهما الصحيحان - كما يسمونها - يحملان كل هذه العلل والانتقادات وقيل فيهما هذا الكلام - دع ما وراء ذلك من تسرب الإسرائيليات إليهما، وخطأ النقل بالمعنى، وغير ذلك في روايتهما - فترى ماذا يكون الأمر في غير البخاري و مسلم من كتب الأحاديث " (أضواء على السنة المحمدية 273 - 285).

ويقول " محمد رشيد رضا " بعد أن عرض الأحاديث المنتقدة على البخاري: " وإذا قرأت ما قاله الحافظ ابن حجر - فيها رأيتها كلها في فن الصناعة، ولكنك إذا قرأت الشرح نفسه " فتح الباري "، رأيت له في أحاديث كثيرة إشكالات في معانيها، أو تعارضها مع غيرها - أكثر مما صرح به الحافظ نفسه - مع محاولة - من الحافظ - الجمع بين المختلفات، وحل المشكلات بما يرضيك بعضه دون بعض ".

وقال: " ودعوى وجود أحاديث موضوعة في أحاديث البخاري المسندة، بالمعنى الذي عرفوا به الموضوع في علم الرواية ممنوعة، لا يسهل على أحد إثباتها، ولكنه لا يخلو من أحاديث قليلة في متونها نظر قد يصدق عليه بعض ما عدّوه من علامة الوضع ..... وإنّ في البخاري أحاديث في أمور العادات والغرائز ليست من أصول الدين ولا فروعه ....

فإذا تأمّلتم هذا وذاك علمتم أنّه ليس من أصول الدين ولا من أركان الإسلام أن يؤمن المسلم بكلّ حديث رواه البخاري مهما يكن موضوعه، بل لم يشترط أحد في صحّة الإسلام ولا في معرفته التفصيلية، الاطّلاع على صحيح البخاري والإقرار بكلّ ما فيه - وعلمتم أيضاً أنّ المسلم لا يمكن أن ينكر حديثاً من هذه الأحاديث بعد العلم به إلاّ بدليل يقوم عنده على عدم صحّته متناً أو سنداً، فالعلماء الّذين أنكروا صحّة بعض هذه الأحاديث لم ينكروها إلاّ بأدلّة قامت عندهم، قد يكون بعضها صواباً وبعضها خطأً، ولا يعدُّ أحدهم طاعناً في دين الإسلام " (تفسير المنار 10/ 580).

وأما " أحمد أمين " فيقول: " إن بعض الرجال الذين روى لهم البخاري غير ثقات، وقد ضعف الحفاظ من رجال البخاري نحو ثمانين، وفي الواقع هذه مشكلة المشاكل - لأن بعض من ضعف من الرواة لا شك أنه كذاب، فلا يمكن الاعتماد على قوله، والبعض الآخر منهم مجهول الحال، ومن هذا حاله فيشكل الأخذ عنه. . . ومن هؤلاء الأشخاص الذين روى عنهم البخاري وهم غير معلومي الحال عكرمة مولى ابن عباس ويذكر " أحمد أمين "شواهد تاريخية لإثبات كون عكرمة كذاباً ثم يقول: فالبخاري ترجح عنده صدقه فهو يروي له في صحيحه كثيرا. . . . و مسلم ترجح عنده كذبه، فلم يرو له إلا حديثاً واحداً في الحج ولم يعتمد فيه عليه وحده وإنما ذكره تقوية لحديث آخر " (ضحى الإسلام 2/ 117).

وقبل الشروع في مناقشة هذه المزاعم ينبغي أن يعلم بادئ ذي بدء أن الأمة قد أجمعت على تلقي هذين الكتابين بالقبول علماً وعملاً، وقد نقل الاتفاق وإجماع الأمة على ذلك جماعة من أهل العلم منهم الإمام أبو عمرو بن الصلاح في مقدمته في علوم الحديث، والإمام النووي وغيرهم، يقول النووي رحمه الله: " اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري و مسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة " (شرح مسلم 1/ 14)، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخارى و مسلم بعد القرآن " (الفتاوى 18/ 74)، ويقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: " وهما أصح الكتب بعد القرآن الكريم، وهما اللذان لا مطعن في صحة حديث من أحاديثهما عند العارفين من أهل العلم " (مشكلات الأحاديث 158)، ومن هنا فإن كل من هون من أمرهما، وغض من شأنهما فقد خالف سبيل المؤمنين، وسلك سبيل أهل البدع والأهواء.

ونحن لا ننكر أن بعض أحاديث الصحيحين كانت محل انتقاد من قبل بعض المحدثين والحفاظ كالدارقطني وغيره، ولكن ما هي طبيعة هذا الانتقاد؟، وهل يصح أن يجعل من هذا الانتقاد ذريعة للطعن في أحاديثهما جملة، وإهدار قيمتهما العلمية والشرعية كما أراد المغرضون؟!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير