حديث ابن مسعود ? عن النبي ? أنه قال: "كان الكتاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال" فإن قوله ?: " سبعة أحرف، زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال" هو من الموصول لفظا المفصول معنى على أحد القولين، فقد اتصل قوله ?: " سبعة أحرف" بقوله: "زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال" لفظا وانفصل معنى، إذ ليس قوله ?: "زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال" تفسيرا للسبعة الأحرف، بل هو تفسير لما تقدم ذكره "من سبعة أبواب". وهذا إذا فسرنا معنى الأحرف الواردة في الحديث بأنها اللغات التي نزل عليها القرآن، والتي ورد ذكرها في الأحاديث.
قال الداني في "جامع البيان": (في السبعة الأحرف التي ذكرها ? في هذا الخبر وجهان:
أحدهما: أنها غير السبعة الأحرف التي ذكرها في الأخبار المتقدمة. وذلك من حيث فسرها في هذا الخبر فقال: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال. وأمر أمته أن يحلوا حلاله ويحرموا حرامه، ويفعلوا ما أمروا به، وينتهوا عما نهوا عنه، ويعتبروا بأمثاله، ويعملوا بحكمه، ويؤمنوا بمتشابهه. ثم أكد ذلك بأن أمرهم أن يقولوا: آمنا به كل من عند ربنا. فدل ذلك كله على أن هذه الأحرف غير تلك الأحرف التي هي اللغات والقراءات ...
والوجه الثاني: أن السبعة الأحرف في هذا الخبر هي السبعة الأحرف المذكورة في الأخبار المتقدمة، التي هي اللغات والقراءات. ويكون قوله: "زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال" تفسيرا للسبعة أبواب التي هي من الجنة، لا تفسيرا للسبعة الأحرف؛ لأن العامل إذا عمل بها وانتهى إلى حدودها استوجب بذلك الجنة. وكلا الوجهين في تأويل الحديث بين ظاهر وعلى الأول أكثر العلماء) 3.
قال ابن الجزري:
(فإن قيل: فما تقول في الحديث الذي رواه الطبراني من حديث عمر بن أبي سلمة المخزومي أن النبي ? قال لابن مسعود:? "إن الكتب كانت تنزل من السماء من باب واحد، وإن القرآن أنزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف حلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وضرب أمثال، وآمر وزاجر، فأحل حلاله وحرم حرامه، واعمل بمحكمه وقف عند متشابهه، واعتبر أمثاله، فإن كلا من عند الله وما يذكر إلا أولو الألباب؟
فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن هذه السبعة غير السبعة الأحرف التي ذكرها النبي ? في تلك الأحاديث، وذلك من حيث فسرها في هذا الحديث فقال: حلال وحرام إلى آخره وأمر بإحلال حلاله وتحريم حرامه إلى آخره، ثم أكد ذلك بالأمر بقول آمنا به كل من عند ربنا، فدل على أن هذه غير تلك القراءات.
الثاني: أن السبعة الأحرف في هذا الحديث هي هذه المذكورة في الأحاديث الأخرى التي هي الأوجه والقراءات، ويكون قوله حلال وحرام إلى آخره تفسيرا للسبعة الأبواب. والله أعلم.
الثالث: أن يكون قوله: حلال وحرام إلى آخره لا تعلق له بالسبعة الأحرف ولا بالسبعة الأبواب، بل إخبار عن القرآن، أي هو كذا وكذا واتفق كونه بصفات سبع كذلك) 4.
فعلى الوجه الأول الذي ذكره الداني، وابن الجزري لا يعد الحديث من الموصول لفظا المفصول معنى؛ لأن قوله: حلال وحرام إلى آخره تفسير للأحرف.
أما على الوجهين الثاني، والثالث فإن الحديث من الموصول لفظا المفصول معنى؛ لانفصال قوله: حلال وحرام إلى آخره عن الأحرف السبعة، إذ ليس بتفسير لها.
هذا، والله تعالى أعلم.
1 انظر: "شرح مقدمة في أصول التفسير"، طبعة دار الإمام أحمد، ص177 - 179.
2 "الإتقان في علوم القرآن"، ط. مجمع الملك فهد، ج2، ص576.
3 انظر: ج1، ص18.
4 "النشر في القراءات العشر"، ط. دار الكتاب العربي، ج1، ص25.
ـ[الجكني]ــــــــ[01 Jan 2010, 10:14 م]ـ
أولاً: أبارك لأختي الكريمة الأديبة " خلود " صدور رسالتها المذكورة مطبوعة، نفع الله بها طلاب العلم، وجعلها في ميزان حسناتها، ويسر لها إردافها برسالة الدكتوراه إن شاءالله.
وقبل أن أذكر تعليقي ومداخلتي أقول: يعجبني كثيراً شعر عمر بن أبي ربيعة رحمه الله، وخاصة بيته الذائع:
" ليت هنداً أنجزتنا ما تعد "
أما المداخلة فهي:
في النفس شيء من تطبيق هذا الموضوع " المفصول لفظاً الموصول معنى " على الحديث الشريف، لأسباب أهمها عندي الآن:
كيف نعرف لفظ النبي النبي صلى اله عليه وسلم للكلمة: هل نطق بها رفعاً أو نصباً أو جراً، وهذا معروف أنه مهم جداً لبيان وصله من فصله، خاصة وأن علماء الحديث لم يهتموا بهذا غالباً حسب علمي القاصر في ذلك.
وعليه لو أخذنا الحديث المذكور فأسأل:
كيف نطق النبي صلى الله عليه وسلم كلمة:" حلال وحرام إلى آخره "؟؟ ومعرفة ذلك مهمة جداً، وبدونها لا يصح التشبيه بينه وبين تطبيقه على الآيات القرآنية لوجود الفارق وأي فارق.
والله أعلم.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[04 Jan 2010, 02:24 ص]ـ
.
" الموصول لفظا المفصول معنى في القرآن الكريم من أول سورة يس إلى آخر القرآن الكريم جمعا ودراسة"
موضوع يستحق القراءة ونشكر الأخت خلود على إعداده ونسأل الله تعالى أن يرزقها العلم النافع ولعلنا عما قريب نسعد بالاطلاع على هذا السفر الجديد في المكتبة القرآنية.
ولكن هل تم تناول هذا الموضوع من خلال جمع آخر من سور القرآن العظيم؟
والله الموفق
¥