تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولهذا جلبنا همزة الوصل، للتوصُّل للنطق بالساكن بعدها، ونبدأ بنطق همزة الوصل مضمومة، لأنَّ ثالث الفعل مضموم، قال ابنُ الجزريِّ – رحمه الله -:

وابْدَأْ بِهَمزِ الْوَصْلِ مِنْ فِعلٍ بِضَمّ * إنْ كانَ ثالِثٌ مِنَ الْفِعْلِ يُضَمّ

الثانية: " مُرْ "، جاء في سُنن الترمذيِّ: (مُرُوا أبا بَكرٍ فَليُصلِّ بالناسِ) الحديث.

أما الصيغة الثانية، فلا إشكال فيها، لخلوِّها من الهمزات.

وأما الأولَى، ففيها همزتان، مجتمعتان في كلمة، ومعلوم أنَّ الهمزة لما كانت خارجة من أقصى الحلق، استحبَّت العرب تخفيفها، استثقالاً لها، لأنَّ العرب لا تجمع بين همزتين، الثانية منهما ساكنة.

قال الإمام الشاطبيُّ – رحمه الله -، " من الطويل ":

وإبدالُ أخرَى الْهَمْزتَينِ لِكلِّهِمْ * إذا سَكَنتْ عَزمٌ كآدَمَ أُوهِلا

وقال ابنُ مالكٍ – رحمه الله – في " الخلاصة ":

وَمَدًّا ابْدِلْ ثَانِيَ الْهَمْزَيْنِ مِنْ * كِلْمَةٍ انْ يَسْكُنْ كَآثِرْ وَأتَمِنْ

فإذا تحرَّكت الأولَى، وسكنتِ الثانية، وجب في غير ندور إبدال الثانية حرف مَدٍّ يُجانِسُ حركةَ ما قَبلَها:

فَتُبدَلُ بَعدَ الفتحةِ ألِفًا، نحو: آثر.

وواوًا بعد الضمة، نحو: أوثِر.

وياءً بعد الكسرة، نحو إيثار.

فيصبح فعل الأمر من الفعل " أمر ": اؤْمُر، كتابة، وأما نطقًا فتقول: اُومُر.

هذا إذا ابتدأتَ به.

وقد رُسِمت الهمزة على واوٍ، لأنها همزة متوسطة ساكنة بعد ضم، نحو: لُؤْلؤ، مُؤْمن.

أما إذا سُبق الفعل بحرف، نحو الواو، أو الفاء، فيُكتَب: " وَأْمُرْ، فَأْمُرْ "، وسبب ذلك أنه إذا اجتمعت همزة الوصل والقطع، حُذفت همزة الوصل، سواءً تقدَّمت همزة الوصل، أو تأخَّرت.

مثال المتأخِّرة، عندما يدخل الاستفهام على همزة وصل، نحو: أَافْترَى، فيجب حذف همزة الوصل، وتُكتَب: أفْترَى؟

قال الله تعالى: {أَفْترَى علَى اللهِ كَذِبًا أمْ به جِنَّةٌ} سبأ

ومثال المتقدِّمة، ما نحن بصدده هنا، فأصل رسم الكلمة: واأْمُر، الْتَقت الهمزتان رسمًا، فاسْتُغني عن همزة الوصل.

وقد رُسِمت الهمزة ألفًا، لكونها متوسطة ساكنة بعد حرف مفتوح، نحو: بدَأْتُ، شَأن.

أرجو أن تلحظ الفرق في الكتابة، فعندما ابتدأنا بها، رُسِمت على واو، بعد همزة وصل، لأنَّ همزة الوصل هنا مضمومة.

وحين سُبقت بحرف، رُسِمت على ألف، لأنَّ الحرف مفتوح.

وهذا راجع إلى قواعد الإملاء.

لكن إذا كان فعل الأمر يبدأ بحرفٍ آخر غير الهمزة، فلا تُحذف همزة الوصل، حين اتصال الواو أو الفاء به، نحو: واضْربْ، واكتُب، فاقْرأ، وهكذا، لأنه لم تجتمع همزتان فيها.

ومثله، أتَى، أَذِن، ائْتَمَن، ائْتَمَر، وما أشبه ذلك.

الفعل الماضي: أتَى:

والأمر منه: ائْتِ، كتابة، ونطقًا: اِِيتِ.

رُسمت الهمزة على نبرة، لأنها ساكنة وما قبلها مكسور.

وحين يسبقها حرف، ترسم ألفًا، قال الله تعالى: {فأْتِنا بِما تَعِدُنا} الأعراف 70.

وكذلك الفعل " أذِن "، له نفس الحكم، جاء في " البحر المحيط "، عند قوله تعالى في سورة التوبة: {ومِنهُم مَنْ يَقولُ ائْذَنْ لي}

(وقال النحاس ما معناه: إذا دخلت الواو أو الفاء على " ائْذَن "، فهجاؤها في الخط ألف وذال ونون بغير ياء، أو " ثم " فالهجاء ألف وياء وذال ونون، والفرق أنَّ " ثم " يوقف عليها وتنفصل بخلافهما) انتهى

ومعنى كلامه: إذا دخلت الواو أو الفاء على الأمر من " أذن "، فيُكتب: " وأْذَن "، فهي همزة وذال ونون.

وإذا سبقتها كلمة " ثمَّ "، فهي منفصلة عنها، ولهذا تُكتَب: ألف وبعدها همزة على ياء، " أو نبرة "، وبعدها ذال فنون، يعني: ثمَّ ائْذَن.

وليس المقصود كلمة " ثمَّ " بعينها، وإنما هي مثال لأيِّ كلمة مفصولة عنها، نحو قوله تعالى: {قالَ الَّذينَ لا يَرجونَ لِقاءَنا ائْتِ بِقرآنٍ غيرِ هَذا} يونس

سُبقت بكلمة " لِقاءنا "، وهي مفصولة عنها.

والله أعلم.

ختامًا، أرجو أن أكون قريبًا من الصواب، إلى الحدِّ المسموح به، فأسلم من عناء المذاكرة والمراجعة، استعدادًا للدور الثاني.

مع عاطر التحايا للجميع

ـ[موسى 125]ــــــــ[14 - 02 - 2005, 08:46 م]ـ

شكراً للأساتذة الكرام على التوضيح .. وفقهم الله

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير