[آراء العلماء في كتابة (إذن) .. (تحقيق وتلخيص) ..]
ـ[أبو مالك النحوي]ــــــــ[11 - 11 - 2007, 04:28 ص]ـ
أقول وبالله التوفيق:
كتابةُ (إِذَنْ) بالنون ([1]):
نَقَلَ الجاربرديُّ ([2])، والسُّيوطيُّ ([3]) أنّ الزَّنجانيَّ يرى كتابةَ (إِذَنْ) بالنُّونِ.
والنَّحويون قد اختلفوا في رَسْمِ (إِذَنْ) بالنُّونِ أو بالتَّنوينِ، والوقفِ عليها على الآراء الآتية:
الرأي الأول: وهو كتابتها بالألف،
ومن حججهم:
1. أنّها تشبهُ النونَ الخفيفةَ والتنوينَ، في نحو: ? لَنَسْفَعاً بِالنّاصِية ?.
2. أنّها تُشْبِهُ نونَ (لَدُن) التي تُبْدَلُ أَلِفاً.
3. أنّ الوقفَ عليها يكونُ بالألفِ.
4. أنَّ رَسْمَ المصاحِفِ على كَتْبِها بالألف.
قال به ابنُ قتيبة ([4])، وابن مالك في التسهيل ([5])، وابن هشام ([6]).
ونُسِبَ هذا الرأيُ إلى المازنيّ، كما نَقَلَهُ عنه أبو حيان في شرح التسهيل ([7])، ونَقَلَهُ عنه أيضاً المالقيُّ ([8]). وفي نِسبته إليه اضطرابٌ سيأتي بيانُه.
قال الرُّمانيُّ ([9]): وهو الاختيارُ عند البصريين.
الرأي الثاني: وهو كتابتها بالنون،
ومن حججهم:
1. أنّ النونَ فيها أصليّةٌ كنونِ (عَنْ) و (مَنْ) و (أَنْ).
2. أنّها في الأصلِ مركّبةٌ من (إِذْ) و (أَنْ)، ونُونُ (أَنْ) لا تُبْدَلُ. وهو قولٌ عن الخليلِ ([10]).
3. أنّها حرفٌ، والحروفُ لا يدخلها التنوينُ، وهذه حُجَّةٌ قويَّة؛ لأنّها حرفُ جوابٍ وجزاءٍ.
قال به المبرّدُ، ونُسِبَ إليهِ أنّه قالَ: (أَشتهي أنْ أكوي يَدَ مَنْ يكتب (إِذَنْ) بالألف) ([11]).
وقال به أيضاً ابنُ درستويه ([12])، والزَّنجانيّ وابنُ عُصفور.
ونُسبَ هذا الرأي أيضاً إلى المازنيِّ كما نَقَلَهُ عنه الرَّضي ([13])، والمراديّ ([14])، وابنُ هشام ([15]).
قال المرادي: وفي نِسبةِ هذا الرَّأي للمازنيّ نظرٌ؛ لأنّه إذا كان يرى الوقفَ عليها بالنُّونِ كما نُقِلَ عنه فلا ينبغي أنْ يكتبها بالألفِ.
قال الرُّمانيّ: وهو الاختيار عند الكوفيين.
الرأي الثالث: أنّها إذا أُلغيت عن العملِ كُتِبَت بالألفِ؛ لضعفِها. وإذا أُعملت ونَصَبتِ الفِعْلَ بعدَها كُتبت بالنونِ؛ لقُوَّتِها.
وهو رأيُ الفرّاء ([16]).
الرأي الرابع: أنّها إنْ وُصلت في الكلامِ كُتِبَتْ بالنُّونِ، عَمِلَت أم لم تَعْمَل، كسائِرِ الحروف، وإذا وُقِفَ عليها كُتِبَتْ بالألِفِ؛ لأنّها إذ ذاك مُشَبَّهَةٌ بالأسماءِ المنقوصة في عَدَدِ حروفِها، وأنّ النُّونَ فيها كالتنوينِ، وأنّها لا تَعْمَلُ في الوقفِ مُطْلَقاً.
وهو رأيُ المالقيّ واختيارُه ([17]).
والمتأمّل في عبارة الزّنجاني ([18]) يجد أنّه لم يُخَطِّئْ كتابَتَها بالألف، بل أجازَ الوجهين، وألزم من يريدُ كتابتها بالألف أنْ يُنوِّنَ بالشَّكْلِ.
وقد وجدتُ الزّنجانيّ كَتَبَها بِخَطِّ يَدِهِ في (الكافي) غيرَ مَرَّةٍ بالألف (إذاً)، ووَضَعَ لها تنويناً، عِلْماً بأنّه قال: ((لكن الأَوْلى أن تُكْتَبَ بالنون ... ))، فوافَقَ الكوفيين في رأيِهِ، ووافَقَ البصريين في استخدامِهِ، ولعلَّ سبب ذلك أنّه أراد مُجاراةَ كُتَّابِ عَصْرِهِ آنذاك، إذ لاحظْتُ أنّه - في مسائل فصل الهجاء - يلتزمُ الكتابةَ الشّائعةَ المشهورةَ. والله أعلم.
([1]) يُنظر النص المحقق 546.
([2]) شرح الشافية 374.
([3]) همع الهوامع 2: 232.
([4]) أدب الكاتب 248.
([5]) يُنظر همع الهوامع 2: 232.
([6]) المغني 31.
([7]) يُنظر همع الهوامع 2: 232.
([8]) رصف المباني 155.
([9]) يُنظر حروف المعاني للزجّاج 6.
([10]) يُنظر الجنى الداني 363.
([11]) يُنظر الجنى الداني366.
([12]) كتاب الكِتَاب 90.
([13]) شرح الشافية 3: 318.
([14]) الجنى الداني 365.
([15]) المغني 31.
([16]) هكذا نقل عنه ابن قتيبة في أدب الكاتب 249 يقول: «قال الفرّاء: ينبغي لمن نصبَ بـ (إذن) الفعلَ المستقبلَ أن يكتبها بالنون، فإذا توسّطت الكلامَ، وكانت لغوًا، كتبت بالألف». وعلى النقيض من ذلك ما نقله ابنُ هشام عن الفرّاء «أنّها إنْ عملت كتبت بالألف، وإلّا كتبت بالنون؛ للفرق بينها وبين (إذا) الشرطية والفجائية، وتبعه ابنُ خروف». المغني 31. ونلحظُ هنا تضارب النقل عن الفرّاء بين ابن قتيبة وابن هشام، والله أعلم بالصواب.
([17]) رصف المباني 155.
([18]) يُنظر النص المحقق 546.
منقول من كتاب (الكافي في شرح الهادي للزنجاني - قسم التصريف / الدراسة ص 32).
- (الكافي في شرح الهادي للزنجاني 660 هـ - قسم التصريف) تح: أنس بن محمود فجال، رسالة ماجستير من جامعة صنعاء، كلية اللغات، قسم اللغة العربية والترجمة، 2005 م.
ـ[المهندس]ــــــــ[11 - 11 - 2007, 08:02 م]ـ
2. أنّها تُشْبِهُ نونَ (لَدُن) التي تُبْدَلُ أَلِفاً.
الأخ الفاضل
هل تبدل نون "لدُنْ" ألفا؟
هل تتكرم بشواهد؟
لأنني لا أعلمها تبدل ألفا، وأراها حجة للرأي الآخر.
¥