تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال سفيان فأطرق الزهري ساعة ثم رفع رأسه فقال من الله عز وجل العلم وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم) انتهى.

وقد ذكر الإمام الطحاوي رحمه الله في بيان مشكل الأحاديث (3/ 347 - 379) الأحاديث الواردة في هذا الباب وبين معناها بما يتفق مع كلام الأئمة السابقين ثم قال بعد سرده للأحاديث (3/ 379)

قال أبو جعفر: فكانت هذه الأشياء التي نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت منه أو كانت فيه عنه أشياء مذمومة فكان الله عز وجل قد اختار له صلى الله عليه وسلم الأمور المحمودة ونفى عنه الأمور المذمومة، فكان من عمل الأمور المحمودة منه، ومن عمل الأمور المذمومة ليس منه كما حكى عز وجل عن نبيه إبراهيم من قوله في ذريته {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم}. وكما قال عز وجل مخبرا لعباده في قصة نبيه داود صلى الله عليه وسلم {إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني} في أمثال لهذا موجودة في الكتاب معناها المعنى الذي ذكرنا، فدل أن كل عامل عملا على شريعة نبيه الذي عليه أتباعه فإنه منه، وأن كل عامل عملا تمنع منه شريعة نبيه الذي عليه أتباعه ليس منه؛ لخروجه عن ما دعاه إليه، وعن ما هو عليه إلى ضد ذلك، والله سبحانه نسأله التوفيق.

وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (19/ 293)

وبهذا تزول الشبهة في [مسائل الأسماء والأحكام] وهي مسألة الإيمان وخلاف المرجئة والخوارج؛ فإن الإيمان، وإن كان اسمًا لدين الله الذي أكمله بقوله: {اليوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]. وهو اسم لطاعة الله وللبر وللعمل الصالح، وهو جميع ما أمر الله به، فهذا هو الإيمان الكامل التام، وكماله نوعان: كمال المقربين وهو الكمال بالمستحب، وكمال المقتصدين وهو الكمال بالواجب فقط.

وإذا قلنا في مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)، و: (لا إيمان لمن لا أمانة له)، وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2]، وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الحجرات: 15]، وقوله: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} الآية إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177]-إذا قال القائل في مثل هذا: ليس بمؤمن كامل الإيمان، أو نَفي عنه كمال الإيمان لا أصله، فالمراد به كمال الإيمان الواجب، ليس بكمال الإيمان المستحب، كمن ترك رَمْي الجمار، أو ارتكب محظورات الإحرام غير الوطء، ليس هذا مثل قولنا: غُسْلٌ كامل، ووضوء كامل، وأن المجزي منه ليس / بكامل ذاك نفي الكمال المستحب.

وكذا المؤمن المطلق هو المؤدي للإيمان الواجب، ولا يلزم من كون إيمانه ناقصًا عن الواجب أن يكون باطلًا حابطًا، كما في الحج، ولا أن يكون معه الإيمان الكامل كما تقوله المرجئة، ولا أن يقال: ولو أدي الواجب لم يكن إيمانه كاملًا، فإن الكمال المنفي هنا الكمال المستحب.

فهذا فرقان يزيل الشبهة في هذا المقام، ويقرر النصوص كما جاءت، وكذلك قوله: (من غشنا فليس منا)، ونحو ذلك، لا يجوز أن يقال فيه: ليس من خِيَارنا كما تقوله المرجئة، ولا أن يقال: صار من غير المسلمين فيكون كافرًا كما تقوله الخوارج، بل الصواب أن هذا الاسم المضمر ينصرف إطلاقه إلى المؤمنين الإيمان الواجب الذي به يستحقون الثواب بلا عقاب، ولهم الموالاة المطلقة والمحبة المطلقة، وإن كان لبعضهم درجات في ذلك بما فعله من المستحب، فإذا غشهم لم يكن منهم حقيقة؛ لنقص إيمانه الواجب الذي به يستحقون الثواب المطلق بلا عقاب، ولا يجب أن يكون من غيرهم مطلقًا، بل معه من الإيمان ما يستحق به مشاركتهم في بعض الثواب، ومعه من الكبيرة ما يستحق به العقاب، كما يقول من استأجر قومًا ليعملوا عملًا، فعمل بعضهم بعض الوقت، فعند التَّوْفِيَة يصلح أن يقال: هذا ليس منا، فلا يستحق / الأجر الكامل، وإن استحق بعضه.) انتهى.

وقال ابن أبي العز في شرح الطحاوية ص 484 (وما أبعد قول من قال أن فليس أي فليس مثلنا، فليت شعري فمن لم يغش يكون مثل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) انتهى.

ـ[أبوالأشبال السكندرى]ــــــــ[03 - 04 - 04, 10:01 م]ـ

الشيخ الجليل عبد الرحمن الفقيه, جزاك الله خير, ومزيدا" من المشاركات المتميزة

ـ[خالد القسري]ــــــــ[25 - 06 - 04, 12:27 م]ـ

فضيلة الشيخ عبد الرحمن الفقيه وفقه الله

هل تعني أن الشيخ ابن تيمية وتلميذه يفرقون بين التأويل والتفسير بحيث أن كل واحد منهما له اصطلاحه المغاير للآخر عندهما؟ وأن الأول هو المذموم والذي من جنس ما يفعله الجهمية والثاني هو المحمود؟

وهل تعني أن التأويل ولو أدى إلى نفس نتيجة التفسير فإن ذلك لا يخرجه عن كونه تعامل خاطيء مذموم مع نصوص الشرع؟

أرجوا منك الرد.

نفع الله بك وآجرك على على هذا الموضوع.

تلميذكم ومحبكم خالد القسري

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير