ـ[أبو محمد العدني]ــــــــ[20 - 05 - 08, 02:45 ص]ـ
السلام عليكم
أخي الحائلي بارك الله فيك قلت: وبعض العلماء المعاصرين يقيدها.
هلا فذكرت لنا كلامهم.
ـ[أبو مسلم التكسبتي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 05:46 م]ـ
" سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر"، لا يضرّك بأيّهنّ بدأتَ، وبعد:
فقد بدأ الكلام في فعل الهرولة يطول، وأخذت الردود تصول وتجول، حتّى وصل الأمر إلى ذكر القيد والإطلاق، وانقسم الفريق إلى مثبت للقيد ومتمسّك بالمطلق وثالث في حيرة وشقاق، فأردت المشاركة في الردّ، واللّه من وراء القصد، وهو يهدي السبيل، فأقول، ومن اللّه أستمدّ على حصول المأمول:
1 - الحديث عن الإطلاق والتقييد في باب أفعال الرّبّ وصفاته يشوبه الإجمال ولذا لزم البيان، لكن الكلام هنا متّجه إلى فعل الهرولة لأنّه سبب النّقاش فليعلم:
(أ) فإن كان المراد منه هنا الفعل الإختياري فهو مطلق لا مقيّد، والمقصود بالمطلق أنّ الفعل وهو المجيء والإتيان هرولة من فعل الذات فاللّه هو الذي يأتي ويجيء يهرول لا شيئا آخر غيره، وأمّا المخالف فعنده مقيّد ومقصوده إتيان ومجيء الرحمة والخير وسرعة الإستجابة وغير ذلك من الصفات والكنايات والمجازات وليس عنده ربّ يهرول لنفيه قيام الذات بالأفعال الإختياريّة، وإن كان التحقيق في مقام التوفيق أنّ اللّه يأتي ويجيء يهرول ويأتي ويجيء بالخير والرحمة والرّضا أيضا لأنّ هذه الصفات لا تنفكّ عن الذات العليّة والممتنع من يثبت إتيان الصفات دون الذات لأنّ الصفات والأفعال الإلهيّة ليست مخلوقة أو منفصلة عنه حتّى يكون ذلك التأويل الفاسد، فالإتيان من فعله تعالى لا من فعل غيره.
(ب) وإن كان المراد منه الأثر في الخلق فهو مقيّد مخصوص لا مطلق، والمقصود بالمقيّد المخصوص الإختصاص الجزائي وهو لفئة خاصّة مقيّدة بفعل الشرط، والجزاء بعد الشرط والوفاء، فمن العبد الوفاء بالشرط ومن اللّه الوفاء بالوعد، ومن المألوه القرب بالمشي ومن الإله القرب بالهرولة، قال شيخ الإسلام رحمه اللّه:" ففي الجملة ما نطق به الكتاب والسنة من قرب الرّب من عابديه وداعيه هو مقيد مخصوص لا مطلق عام لجميع الخلق ". (مجموع الفتاوى ج5 ص247). وقال أيضا رحمه اللّه:" وليس في الكتاب والسنّة قطّ قرب ذاته من جميع المخلوقات في كلّ حال فعلم بذلك بطلان قول الحلوليّة فإنّهم عمدوا إلى الخاص المقيد فجعلوه عاما مطلقا ". (مجموع الفتاوى ج5 ص130و240)
2 - النصّ الوارد فيه فعل الهرولة الإختياري من الربّ جلّ وعلا، فيه الهدى والشفاء والذي بلّغه بلاغا مبينا هو أعلم الخلق بربّه وأنصحهم لخلقه وأحسنهم بيانا وأعظمهم بلاغا، فلا يمكن أحد أن يعلم ويقول مثل ما علِمه الرّسول وقاله، وكلّ من منّ الله عليه ببصيرة في قلبه تكون معه معرفة بهذا، قال تعالى:) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ([سبأ: 6] وقال في ضدّهم:) وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ([الأنعام: 39] (أنظر مجموع الفتاوى ج5 ص244).
3 - المخاطَب لا يفهم من سياق الكلام المسموع من النصّ إلاّ ما إلتصق بالذهن وما تبادر إلى الفهم الأوّلي من معنى صافٍ قبل أن تدوسه أقدام التّأويل الغارقة في الوحل.
4 - لا نعرف ما غاب عنّا إلاّ بمعرفة ما شهدناه، وقد عرفنا أنّ الجزاء على الخير وبالفعل العظيم لا يترتّب إلاّ على فعل من العبد فيه خير عظيم، فالخير بالخير عدل، وزيادة الخير على الخير فضل.
5 - نثبت للباري فعل الهرولة الإختياري كفعل قائم به وهو يستلزم القدرة والإرادة والعلم والحفظ والإحاطة، فما شاء قاله وتكلّم به وما شاء فعَله في الحال والماضي والمستقبل، وما خصّه لأهل الفضل فهو منه عدل وزيادة في الفضل، كما أنّ هذا الفعل لا يكون بدون قيام الذات به، لأنّه ليس فعلا مخلوقا ولا منفصلا عن الذات حتّى يكون ذلك التّأويل المبتدع، فالإتيان والمجيء هرولة هو من فعله تعالى لا من فعل غيره.
¥