تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذكر شيخ الإسلام في أكثر من موطن أن تكفير تارك الصلاة هو قول جماهير السلف وجمهورهم فقال في شرح العمدة (4/ 73):

"وهو المنقول عن جماهير السلف لقول الله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة ... )

وقال رحمه الله كما في المجموع (20/ 97):

"وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين"

وقال كما في دقائق التفسير (1/ 211):

" ثم أكثرهم يوجبون قتل تارك الصلاة، وهل يقتل كافرا مرتدا، أو فاسقا على قولين في مذهب أحمد وغيره والمنقول عن أكثر السلف يقتضي كفره، وهذا مع الإقرار بالوجوب فإنه مع جحود الوجوب فهو كافر بالاتفاق "

وقال كما في المجموع (7/ 610):

" ... والثالث لا يكفر إلا بترك الصلاة، وهي الرواية الثالثة عن أحمد وقول كثير من السلف "

فشيخ الإسلام يرى أن الأدلة الواردة في وصف تارك الصلاة بالكفر هي في الكفر الأكبر، وأن هذا هو إجماع الصحابة، وهو الذي عليه قول جماهير السلف.

الباب الذي من خلاله حكم شيخ الإسلام بالكفر على التارك:

لقد نص شيخ الإسلام في كتبه على أن كفر تارك الصلاة هو من باب ترك الانقياد لا من باب ترك الاعتقاد، وأنه من كفر التولي وليس هو من كفر الجحد ولا التكذيب.

قال شيخ الإسلام في المجموع (7/ 611 - 612) وذلك في سياق الاستدلال على كفر تارك الصلاة:

" وكذلك ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فدل ذلك على أن من لم يكن غرا محجلا لم يعرف النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يكون من أمته وقوله تعالى: ( ... وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون)، وقوله تعالى: ( ... وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ... )، وكذلك قوله تعالى: (فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى) وكذلك قوله تعالى: ( ... لم نك من المصلين ... ).

فوصفه بترك الصلاة كما وصفه بترك التصديق ووصفه بالتكذيب والتولي، والمتولي هو العاصي الممتنع من الطاعة ...

إلى أن قال: " مع أن النصوص علقت الكفر بالتولي كما تقدم" ا. هـ

فنوع الكفر هنا بصريح عبارة شيخ الإسلام هو كفر التولي الذي هو ترك الطاعة، وليس من باب التكذيب وترك الاعتقاد، فهذا مقابل للأول.

وقال كما في شرح العمدة (2/ 86) في سياق استدلاله على كفر التارك:

" فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل كما دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه السلف وعلى ما هو مقرر في موضعه، فالقول تصديق الرسول والعمل تصديق القول، فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا، والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص وهو الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة ... "

إلى أن قال:

"وأيضا فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل لا بالقول فقط، فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا ومن لا دين له فهو كافر" ا. هـ

فهنا استدل شيخ الإسلام على كفر تارك الصلاة من خلال بيانه للحد الذي يثبت به أصل الإيمان، والصلاة تمثل في هذا الحد الانقياد الظاهر، فاعتبر شيخ الإسلام ترك الصلاة تركا للانقياد الظاهر، وبالتالي كان استدلاله على كفر تاركها، فكان هذا من شيخ الإسلام بيانا لنوع الكفر الحاصل بترك الصلاة والذي هو ترك الانقياد لا ترك الاعتقاد.

وقد نص على هذا في شرح العمدة أيضا (2/ 82) فقال:

" إن في بعض الأحاديث فقد خرج عن الملة، وفي بعضها بينه وبين الإيمان، وفي بعضها بينه وبين الكفر، وهذا كله يقتضي أن الصلاة حد تدخله إلي الإيمان إن فعله وتخرجه عنه إن تركه " ا. هـ

فقوله: " وتخرجه عنه إن تركه " ظاهر في أن سبب الكفر وبابه ترك الفعل والانقياد لا غير.

وقال أيضا (2/ 91 - 92):

" قال الإمام أحمد: " إذا قال لا أصلى فهو كافر ... " لأن هذا كفره بترك الفعل، فإذا فعله عاد إلى الإسلام، كما أن من كفره بترك الإقرار إذا أتى بالإقرار عاد إلى الإسلام".

وهذا قاله الشيخ عند تعرضه لأحد صور الترك.

فقوله: " لأن هذا كفره بترك الفعل" واضح في أن الشيخ يبين بهذا الكلام سبب كفر هذا التارك، وأنه ترك الفعل لاغير فثبت المقصود بذلك.

وقد أكد شيخ الإسلام هذا بتناوله للمسألة من جهة أخرى، وهي نفيه للجحود عن التارك مع إثبات الكفر في حقه، وإثبات إقراره بالوجوب، بل و إثبات التزامه لفعلها (1) فأغلق بهذا كل الأبواب

ليبين أن التارك إنما خرج من باب الانقياد فقط (2)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير