تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقال رحمه الله كما في دقائق التفسير (1/ 211):

" ... ثم أكثرهم يوجبون قتل تارك الصلاة، وهل يقتل كافرا مرتدا أو فاسقا على قولين في مذهب أحمد وغيره، والمنقول عن أكثر السلف يقتضي كفره وهذا مع الإقرار بالوجوب فإنه مع جحود الوجوب فهو كافر بالاتفاق "ا. هـ

وقال كما في المجموع (20/ 96 - 97):

" وذلك أن من الأئمة من يقتله ويكفره بترك كل واحدة من الخمس لأن الإسلام بني عليها ... ومنهم من لا يقتله ولا يكفره إلا بترك الصلاة والزكاة ... ومنهم من يقتله بهما ولا يكفره إلا بالصلاة، وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين، ومورد النزاع هو فيمن أقر بوجوبها والتزم فعلها ولم يفعلها، وأما من لم يقر بوجوبها فهو كافر باتفاقهم "

وقال بعدها:

"بل هنا ثلاثة أقسام:

أحدها إن جحد وجوبها فهو كافر بالاتفاق

والثاني: ألا يجحد وجوبها لكنه ممتنع من التزام فعلها كبرا أو حسدا أو بغضا لله ورسوله، فيقول: أعلم أن الله أوجبها على المسلمين، والرسول صادق في تبليغ القرآن، ولكنه ممتنع عن التزام الفعل، استكبارا أو حسدا للرسول، أو عصبية لدينه، أو بغضا لما جاء به الرسول، فهذا أيضا كافر بالاتفاق ...

الثالث: أن يكون مقرا ملتزما، لكن تركها كسلا أو تهاونا، أو اشتغالا بأغراض له عنها، فهذا مورد النزاع، كمن عليه دين وهو مقر بوجوبه ملتزم لأدائه، لكنه يمطل بخلا أو تهاونا " ا. هـ

فنفي الجحود وإثبات الإقرار والالتزام، وذكر الترك والكسل، كل هذا برهان على أن الكفر عند الشيخ بابه ترك الانقياد لاترك الاعتقاد.

والمراد من كل ما تقدم أن ينتبه القارئ جيدا لكلام شيخ الإسلام، فسيأتي ذكره لصور الترك التي يكفر أصحابها، فلا يخلط القارئ بين صورة وأخرى، لأنه رحمه الله تعرض لبيان نوع الكفر في بعض الصور، وما ذكرناه هنا من بيانه لنوع الكفر عند التارك يساعد على تمييز كلامه.

الكفر الوارد في تارك الصلاة خاص بها دون بقية الفرائض:

يقرر شيخ الإسلام في أكثر من موطن من كتبه، أن نوع الكفر في التارك للصلاة إنما هو خاص بالصلاة فقط، فقد قال في شرح العمدة (2/ 84):

" ... وأيضا قوله: " كانوا لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر ... " وقوله: " ليس بين العيد وبين الكافر ... " وغير ذلك مما يوجب اختصاص الصلاة بذلك، وترك الجحود لا فرق فيه بين الصلاة وغيرها، ولأن الجحود نفسه هو الكفر من غير ترك حتى لو فعلها مع ذلك لم ينفعه، فكيف يعلق الحكم على ما لم يذكر " ا. هـ

وقال أيضا (2/ 83):

" ولا يقال: فقد يخرج عن الملة بأشياء غير الصلاة، لأنا نقول هذا ذكر في سياق ما كان من الأعمال المفروضة وعلى العموم يوجب تركه الكفر، وما سوى ذلك من الاعتقادات فإنه ليس من الأعمال الظاهرة "

إلي أن قال: " الخامس: أنه خرج هذا الكلام مخرج تخصيص الصلاة" ا. هـ

وقال أيضا (287/):

" و بكل حال فالصلاة لها شأن انفردت به على سائر الأعمال وتبيين ذلك من وجوه ... "

ثم ذكرها وكل هذا في سياق تكفيره لتارك الصلاة.

وقد سبق قوله: " والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص وهو الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة "

أي العمل الذي هو مخصوص أيضا كالقول

وكل هذه النقول تدل على أن شيخ الإسلام يرى أنه لا يوجد عمل من أعمال الجوارح يكفر الإنسان به من جهة الترك إلا الصلاة فقط.

هذا بالنسبة لعمل بمفرده،أما عن ترك الأعمال كلها فالكفر فيها أوكد.

صور وحالات الترك التي كفر شيخ الإسلام أصحابها:

من خلال ما تقدم عن شيخ الإسلام من ترجيحه لأدلة تكفير تارك الصلاة وأنها في الكفر الأكبر، ونقله إجماع الصحابة على ذلك، ونسبة ذلك لجماهير السلف، قد يظن من وقف على ذلك أن شيخ الإسلام يكفر كل من ترك الصلاة ولو صلاة واحدة، أو أخرها عن وقتها الضروري.

أو أنه يصم بالكفر كل من وصف بالترك وبأي ترك.

و لربما إذا وقف على تروكات لا يكفر شيخ الإسلام أصحابها، يظن أن ذلك اضطرابا من شيخ الإسلام، أو تراجعا منه عما تقدم.

أو قد يتعلق بهذا من ألف البعد عن الإنصاف، فيزعم لأجلها أن شيخ الإسلام لا يكفر تارك الصلاة مطلقا، ويغلق عينيه عن بقية الكلام.

فليعلم أن شيخ الإسلام يطلق القول بكفر تارك الصلاة، ولا يريد بذلك مطلق الترك، فهو رحمه الله قد بين بكلامه صور وحالات الترك التي يكفر بها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير