تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإليك أخي الكريم هذه الصور التي وصف شيخ الإسلام أصحابها بالكفر، وذلك من خلال كلماته وعباراته:

أ - صورة من ترك الصلاة تركا كليا مع انعدام نية الفعل:

وهذه الصورة تشمل كل من ترك الصلاة ولم يصل طول عمره إلى أن مات دون نية فعلها ولا التسويف بذلك.

قال شيخ الإسلام في شرح العمدة (2/ 93):

"فمن لم يصل ولم ير أن يصلي قط ومات على ذلك من غير توبة فهذا

تارك الصلاة مندرج في عموم الأحاديث وإن لم يظهر في الدنيا حكم كفره " ا. هـ

" لم يصل " في الماضي، " ولم ير أن يصلي" في المستقبل.

وقال في شرح العمدة أيضا (2/ 85):

" فأما من لا يصلي قط في طول عمره ولا يعزم على الصلاة، ومات على غير توبة أو ختم له بذلك، فهذا كافر قطعا"

فقوله في العبارتين: " لم ير أن يصلي"، " لا يعزم على الصلاة " ظاهر في أن هذا التارك الذي لم يسجد لله قط لا نية عنده للقيام بالصلاة.

ب - صورة من ترك الصلاة تركا كليا مع تسويفه بفعلها:

فقد ذهب الشيخ إلى أن من ترك الصلاة تركا كليا فلم يصل طول عمره إلى أن مات، أن هذا كافر وإن كان مسوفا لفعلها مادام أنه لم يفعل.

قال رحمه الله في شرح العمدة (2/ 83):

" إن قول عمر لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة أصرح شيء في خروجه عن الملة، وكذلك قول ابن مسعود وغيره، مع أنه بين أن إخراجها عن الوقت ليس هو الكفر، وإنما هو الترك بالكلية، وهذا لا يكون إلا فيما يخرج عن الملة " ا. هـ

وقال في موطن آخر (2/ 85):

" ... وكما فسره ابن مسعود وبين أن تأخيرها عن وقتها من الكبائر وأن تركها بالكلية كفر " ا. هـ

و من تركها طول عمره فلا شك أن تركه كلي.

وقال أيضا رحمه الله (2/ 86):

" ... فالقول تصديق الرسول، والعمل تصديق القول، فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا، والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص وهو الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة ... وأيضا فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل لا بالقول فقط، فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا ومن لا دين له فهو كافر" ا. هـ

وقد ذكر هذا شيخ الإسلام عند استدلاله على كفر تارك الصلاة و رده على من خالف.

وقوله: "خلا العبد عن العمل بالكلية " ثم تفسيره للعمل بالصلاة ظاهر في تكفيره لمن ترك الصلاة تركا كليا، وكذا قوله: "فمن لم يفعل لله شيئا "

فذكر الشيخ من ترك تركا كليا ولم يصفه بانعدام نية الفعل أو العزم على عدم الفعل كما في الصورة الأولى، ومع هذا نص على كفره فدل على أن هذه الصورة غير الأولى وأن صاحبها كافر.

وقال رحمه الله في المجموع (35/ 106):

"وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تلك صلاة المنافق ... يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا.

فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يؤخر الصلاة وينقرها منافق، فكيف بمن لا يصلي، وقد قال تعالى (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ... ) قال العلماء: الساهون عنها الذين يؤخرونها عن وقتها والذين يفرطون في واجباتها، فإذا كان هؤلاء المصلون الويل لهم فكيف بمن لا يصلي وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه

وسلم أنه يعرف أمته بأنهم غر محجلون من آثار الوضوء.

وإنما تكون الغرة والتحجيل لمن توضا وصلى، فابيض وجهه بالوضوء وابيضت يداه ورجلاه بالوضوء فصلى أغر محجلا، فمن لم يتوضأ ولم يصل لم يكن أغر ولا محجلا.

فلا يكون عليه سيما المسلمين التي هي الرنك للنبي صلى الله عليه وسلم مثل الرنك الذي يعرف به المقدم أصحابه، ولا يكن (3) هذا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ...

وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس بين العبد وبين الشرك إلا ترك الصلاة " وقال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" (4) ا. هـ

والشيخ في هذا الكلام إنما يعني التارك بالكلية، وذلك صريح قوله: "لا يصلي" وقوله: "لم يصل " بصيغتي الحاضر والماضي ويؤكده السياق.

وحكم عليه بالكفر بدليل قوله: " لا يكن هذا من أمة محمد" ثم استدلاله بالأحاديث الواردة في الكفر.

وقال أيضا في شرح العمدة (2/ 82):

" ... الثالث: أن في بعض الأحاديث: "فقد خرج من الملة" وفي بعضها: "وبينه وبين الإيمان" وفي بعضها: " بينه وبين الكفر" وهذا كله يقتضي أن الصلاة حد تدخله إلى الإيمان إن فعله وتخرجه عنه وإن تركه"ا. هـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير