ـ ومنها إقراره بأنه إنما ألَّفها ونشرها باسمٍ مستعارٍ، أو باسم أحد تلامذته، وهذا الأخير يحتاج إلى شهادة اثنين كباقي الشهادات لتقوم به الحجة، ولابد أن يكونا من العارفين بهذا المقر، ولا تكفي فيهما العدالة فقط، بل لابد من معرفتهما بالمقر والمشهود عليه.
وهناك طرق عديدة لإثبات الكتب، ولكنَّا نقتصر على ما مضى، والذي يهمنا هو الثاني هنا؛ لوجود الخلاف حوله الآن.
فإن كان الغماري قد أقرَّ بالرسالة ونسبها لنفسه أمام المقربين له المذكورين أعلاه، وهما رجلان، فلا مجال لإنكار الشهادة أبدًا، لاستيفاء أركان الشهادة، فقد شهد بها رجلان، ثبتت معاصرتهما للمشهود عليه، ومعرفتهما به، فلا مجال للطعن في الشهادة أبدًا؛ إلا بطريقِ شهادةٍ أخرى، كأن يشهد اثنان آخران على الغماري نفسه بإخباره بنفي هذه الرسالة عن نفسه، وفي هذه الحالة يتوجب البحث في عدالة الشهود وضبطهم وحداثة الخط والكاغد .. إلخ؛ والترجيح بين الشهادتين بناءً على ذلك.
أما الآن فالشهادة على الإثبات قائمة مستوفاة لشروطها، وعلينا قبولها؛ لأن المثبت مقدم على النافي، وإلا صِرْنا ممن يرد الشهادات بلا بينة ولا برهان، نعوذ بالله من هذا.
ولاشك أن شهادة الرجلين أقوى من شهادة الرجل الواحد، وأن الدوافع عند الشهود هنا متوافرة على إثبات هذا الكتاب للغماري مدحًا له؛ لأنهما من المقربين له، وقد اشتهر لدى كثيرٍ من الناس أن الغماري ينشر بعض كتبه وأبحاثه بأسماء آخرين.
ولدينا السقاف ومحمود سعيد وغيرهما ممن كتب لهما الغماري بعض كتبهم، أو على الأقل كانت له اليد الطولى فيها، وإلا فها هي كتبهم، وأمامنا أشخاصهم، لا يلتقيان أبدًا!!
وانظر مثلا إلى بعض ما نشره محمود سعيد ممدوح قبل موت الغماري، ثم قارن بما يكتبه وينشره الآن، رغم فارق السن والخبرة، فهل يلتقيان؟!!
وأنا أرجو قبل الأخذ والرد أن يرجع الناس لكتب الرجل أولا ثم يدلي من شاء بدلوه عن خبرةٍ ودرايةٍ، لا عن احتمالٍ وقيلٍ وقال!
فها هي كتبه القديمة والجديدة لا تلتقي أبدًا في نظر الباحث، والقديمة أرفع قدمًا من الجديدة بمراحل، مع أن قديمه وجديده لا يساوي شيئًا في سوق العلم؛ ومع هذا فقديمه أعلى من جديده، وهذا لا يستقيم أبدًا مع فارق السن والخبرة!! فهاتوا اذكروا لي السبب الذي يقف خلف هذا الأمر؛ إلا أن يصدق قول القائلين: إن الغماري كان يكتب له أو يمده ببعض أبحاثه، أو كانت للغماري اليد الطولى في قديم محمود سعيد والسقاف وأمثالهما، فلما مات ماتوا!!
مع ملاحظة وهاء القديم والجديد في سوق العلم كما أشرتُ.
بقي أن نقول: إن شهد رجلان على الغماري بنسبته للرسالة إلى نفسه، فإما أن نصدق بما في شهادتهما فننسبها إليه، ثم نحاكمه على ما فيها، وإما أن نصدقهما في نقلهما عن الغماري أنه نسب الرسالة لنفسه ونكذبه هو؛ لأنهما الأكثر عددًا والأوفى من حيث شروط الشهادة الشرعية، وشهادة الاثنين هنا مقدمة على شهادة الواحد.
فإما أن يكون صادقًا في نسبة الرسالة إليه، وهذا يقتضي محاكمته على ما فيها، أو يكون كاذبًا فيما أخبرهما به، فيسقط جملةً وتفصيلاً؛ لأنه لا كرامة لكذابٍ!!
فعلى أي الحالين نبكي أو نتباكى؟!!
ولي أن أسأل محبي هذا الغماري قاتله الله: إذا لم يكن الرجل قد ترك خلفه شرحًا للبخاري ولا لمسلم ولا لغيرهما من كتب السنن، ولا وجدنا له كتابًا في العلل، ولا في الحديث يُعتَمد عليه، ويشار إليه بالبنان، لأنا ما وجدنا سوى تخبيط وخلط وأوساخ لا حصر لها، فإذا برأتم قائدكم إلى الفتنة والغواية قاتلكم الله جميعًا من أوساخه فماذا يبقى له؟
سنذهب معكم جدلاً ونبرأه من كافة الأوساخ، ولكن ماذا سيبقى له؟! هل ثمة من بتدبَّر ثم يجيب؟!
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[19 - 06 - 05, 03:08 م]ـ
قلتَ أخي الحراني: (والمسألة ينظر فيها إلى المكتوب على طرة الكتاب) اهـ.
هذا الكلام محل نظر، إذ أننا نجد في القديم والحديث، كتب نُسبت إلى غير أصحابها، بسبب ما ذكرتَ!، وعند التحقيق وجمع الأدلة يتبن صحة النسبة.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 06 - 05, 03:26 م]ـ
جزاكما الله خيراً , أخي المستشار , وأخي أشرف , وبارك فيكما.
أقول:
أسلوب الحراني في الكتابة , يذكرني بأسلوب المدعو (باز 11).
وقد نبهني إلى هذا الأمر أحد مشايخنا الفضلاء جزاه الله خيراً.
¥