فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ. فَقَالَ: «هُمُ الّذِينَ َلاَ يَسْتَرْقُونَ. وَلاَ يَكْتَوُون. وَلاَ يَتَطَيّرُونَ. وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ»، فَقَامَ عُكّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ. فَقَالَ: يا رسول الله ادْعُ الله أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: «أَنْتَ مِنْهُمْ» ثُمّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: ادْعُ الله أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكّاشَةُ».
& الفوائد المنتقاة على الباب الثالث
(عشاء السبت 18/ 10 /1413)
1 - هذا الباب درجة أعلى من الذي قبله فالسالم من الشرك الأكبر والأصغر والكبائر فإنه يدخل الجنة ولكنه قد يأتي ببعض المكروهات والمباحات فهذا يدخل الجنة ولكن قعدت به المباحات عن الوصول لدرجة السابقين ولكن من حقق التوحيد فهو السالم من الشرك الأكبر والأصغر والكبائر والصغائر وأعرض عن الأمور المباحة وإن احتاج إليها من تداوي ونحوه فهذا في درجة السابقين المقربين. فالناس على أحوال ثلاثة:
أ - من أتى بالتوحيد سالماً من الشرك الأكبر والأصغر ولكنه عنده شيء من الكبائر والصغائر فهذا على خطر فإنه قد يدخل النار.
ب - قوم يدخلون الجنة ولكن قد يحاسبون حساباً يسيراً (فسوف يحاسب حساباً يسيراً)
ج - من حققوا التوحيد وهم السبعون الفاً فهؤلاء يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب.
2 - قوله تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وجه الدلالة من الآية أن من اقتدى بإبراهيم في هذه الصفات فقد حقق التوحيد.
3 – قوله (أَيّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الّذِي انْقَضّ الْبَارِحَةَ؟) فيه أن السلف كانوا يتأملون في الكون ويخافون من نزول العقوبات الكونية.
4 – قوله (لاَ رُقْيَةَ إِلاّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ) هذا موقوف على بريدة بن الحصيب وقد جاء مرفوعاً عند أحمد والترمذي وغيرهما وهو صحيح وقد جاء عن عمران بن حصين موقوفاً
ومعنى الحصر (لا رقية إلا من عين وحمة) المراد أن أنفع الرقى إذا كانت من عين وحمة وقيل إنه على سبيل الحصر أي لا رقية إلا من عين أو حمة ولعل هذا كان أول الأمر ثم جاء الترخيص في الرقية من غيرهما وهذا هو أقرب الأقوال لأن في القول الأول تأويلاً للنص.
5 - قوله (وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ) جاء من حديث أبي هريرة (فاستزدت ربي فزادني مع كل ألف سبعين ألفاً) وسنده جيد وقد رواه أحمد من عدة طرق ورواه الترمذي من حديث أبي أمامة وجاء عن أبي بكرة (مع كل واحد سبعون ألفاً) وهي زيادة لا تصح وهناك زيادة جيدة أيضاً (وثلاث حثيات من حثيات ربنا).
6 – قوله (هُمُ الّذِينَ َلاَ يَسْتَرْقُونَ) هذا لا يلزم منه أن الرقية ممنوعة، ولكن هؤلاء القوم لا يسترقون بمعنى أنهم لا يطلبون ولا يسألون غيرهم أن يرقيهم، وسؤال الناس فيه نوع تذلل لهم، فالرقية شيء وسؤال الرقية شيء آخر، فإذا رقاه الراقي حصل في قلبه نوع تذلل وعبودية للراقي.
وهذه الصفات لهؤلاء السبعين وقد يكون غيرهم يسترقون ولكنهم أرفع منزلة من هؤلاء السبعين فقد يكون لغيرهم فضائل أخرى ويكونون أعظم أجراً بها كمن يأتي في آخر الزمان وله أجر خمسين من الصحابة فهذا فضل خاص لأقوام خاصين بصفات خاصة وقد يكون غيرهم يفضلهم في أمور أخرى.
7 – قوله (وَلاَ يَكْتَوُون) الكي ليس بمحرم وقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم والأولى تركه للحديث (وأنهي أمتي عن الكي).
8 – قوله (سَبَقَكَ بِهَا عُكّاشَةُ) الأظهر أنه صلى الله عليه وسلم أراد سد الباب وفيه بيان أن عكاشة من أهل الجنة.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[31 - 12 - 05, 10:56 م]ـ
الباب الرابع - باب الخوف من الشرك
وقول الله عز وجل: ?إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ?
وقال الخليل عليه السلام: ?وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ? [إبراهيم: 35]
وفي الحديث: «أخْوَفُ ما أخافُ عليكم الشركَ الأصغر». فسئل عنه فقال: «الرياء».
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مات وهو يدعو من دون الله نداً، دخل النار». رواه البخاري.
ولمسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ لَقِيَ الله لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئا دَخَلَ الْجَنّةَ, وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئا دَخَلَ النّارَ».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الرابع
(عشاء الاثنين 20/ 10 / 1413)
1 - على العبد أن يحذر من إفساد وإبطال توحيده فالمسلم قد يفسد توحيده بقول أو فعل أو اعتقاد.
2 - قوله (باب الخوف من الشرك) أي من الشرك الأكبر وبعمومه يدخل فيه الشرك الأصغر.
3 - الشرك: هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله عز وجل.
4 - قوله تعالى (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ) فيه رد على الخوارج المكفرين بالذنوب، وقوله تعالى (لمن يشاء) فيه رد على المرجئة لأنه قد يعذب قوماً ولا يعذب آخرين فهذا يدل على أن قوماً يدخلون النار خلافاً لقولهم بأن أهل التوحيد لا يعذب منهم أحد.
5 – قوله تعالى (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) هذه الآية في غير التائبين وأما قوله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) فقد أجمع العلماء أنها في التائبين.
6 – قوله (وفي الحديث: «أخْوَفُ ما أخافُ عليكم الشركَ الأصغر». فسئل عنه فقال: «الرياء») رواه أحمد وهو بمجموع السندين من باب الصحيح لغيره وله شواهد أخرى
7 - الشرك الأصغر قالوا إنه ما جاء تسميته في النصوص شركاً ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر
والرياء هو التصنع للمخلوقين بالأفعال والسمعة بالأقوال.
8 - قوله (من مات وهو يدعو من دون الله نداً، دخل النار) فيه أن المشرك شركاً أصغر يدخل النار على قول لأهل العلم، وكثير من أهل العلم يرى أن الشرك الأصغر أعظم من الكبائر.
¥