وعن سَلمان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلّمُهُمُ الله, وَلاَ يُزَكّيهِمْ, وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: أُشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه». رواه الطبراني بسند صحيح.
وفي الصحيح عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ أمّتي قَرني, ثمّ الذين يَلونهم, ثمّ الذين يَلونهم. -قال عِمرانُ: فلا أدري أذكرَ بعدَ قرنِه مرتين أو ثلاثاً-. ثمّ إنّ بعدَكم قوماً يشهدون ولا يُستشهدون ويخونون ولا يُؤْتَمَنون, ويَنذرون ولا يَفون, ويَظهر فيهم السّمَن».
وفيه عن ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيرُ النّاسِ قَرني, ثمّ الذين يَلونهم, ثمّ الذينَ يَلونَهم. ثمّ يَجيءُ أقوامٌ تَسبِقُ شهادةُ أحدِهم يَمينَه ويَمينُهُ شهادتَه». قال إبراهيم: وكانوا يَضرِبونَنا على الشهادةِ والعَهد ونحن صغار.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثاني والستين
(عشاء السبت 1/ 7 / 1415هـ)
1 - من توقير الله عز وجل وتعظيمه أن لا يحلف بالله إلا صادقاً.
2 - وقول الله تعالى: ?وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ? قال السلف: يعني بالتكفير حال الحنث فاحفظوا أيمانكم بأداء الكفارة وقال البعض: احفظوا أيمانكم عن كثرة الحلف، وهما متلازمان ولا تنافي بينهما فكثرة الحلف تؤدي إلى الحنث.
3 - قوله (وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسّلْعَةِ, مَمْحَقَةٌ لِلكسب» أخرجاه.)
جاء في لفظ عند أحمد بسند على شرط مسلم (اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للكسب) وجاء عند مسلم من حديث أبي ذر (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب والمنان) فدل هذا على أن المراد بالحلف الوارد في الحديث هو اليمين الكاذبة وهي اليمين الغموس.
4 - قوله (مَمْحَقَةٌ لِلكسب) أي البركة والأظهر أن هذا يكون ويظهر في الدنيا والآخرة جزاء جرمه.
5 - قوله (ورجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه) فيه إشارة إلى كراهة كثرة الحلف في الأمور المباحة لأنه يؤول إلى الخطأ والكذب، وهذا اللفظ يحمل على الحالف كاذباً لأنه هو الذي يكون فيه هذا الوعيد الشديد ولا يكون في كثرة الحلف مثل هذا الوعيد الشديد.
6 - قوله (رواه الطبراني بسند صحيح) رواه الطبراني في معاجمه الثلاثة وسلمان إذا أطلق فالمراد به الفارسي.
7 - قوله (وفي الصحيح عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ أمّتي قَرني, ثمّ الذين يَلونهم, ثمّ الذين يَلونهم. -قال عِمرانُ: فلا أدري أذكرَ بعدَ قرنِه مرتين أو ثلاثاً-) حديث عمران بن حصين مروي في الصحيحين ذكر بعد قرنه قرنين وشك في الرابع، وحديث ابن مسعود ذكر بعد قرنه قرنين وسكت عن الثالث وجاء إثبات قرنين وشك في الثالث في حديث أبي هريرة عند مسلم، وجاء إثبات الثلاثة قرنين بعد قرنه صلى الله عليه وسلم وهذا عليه أكثر النصوص بلا شك، وجاء الشك في الرابع عن عمران بن حصين في الصحيحين وجاء الجزم بالقرون الثلاثة بعد قرنه صلى الله عليه وسلم عند أحمد وابن أبي شيبة وجاء في حديث واحد وأكثر الأحاديث بعد قرنه قرنين وهذا ما جزم به الشراح وجاء في روايات جيدة إثبات ثلاثة قرون بعد قرنه صلى الله عليه وسلم والمحفوظ ما جاء في الصحيحين وهو ثلاثة قرون بقرنه صلى الله عليه وسلم فالخيرية في الصحابة والتابعين وأتباع التابعين.
8 - جمهور الشراح يحدد القرن بالسنة فقرن الصحابة ينتهي بـ (110) بوفاة واثلة بن الأسقع، وقرن التابعين ينتهي بـ (170) وقرن أتباع التابعين بـ (220) وهذا فيه نظر فبدع التصوف والجهمية والإعتزال والقدر ظهرت قبل المائة والعشرون
وقيل المراد بالقرن هو وسطه فقرن الصحابة ينتهي بموت جمهور الصحابة وعلمائهم وكبرائهم وقد توفي أكثرهم قبل سنة خمسين للهجرة، ويمتد القرن الثاني إلى خلافة عمر بن عبد العزيز وهذا هو قرن التابعين والقرن الثالث يمتد إلى أول خلافة بني العباس سنة (130) ونهاية خلافة بني أمية. ففي هذه المدة لم تنتشر وتفشو البدع.
¥