ثم قال: باب كلام الربِّ يومَ القيامة مع الأنبياء وغيرهم، ثم ساق حديث الشفاعة، وحديث: " ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ". وحديث: " يدنو المؤمن من ربه ... ".
ثم قال: باب قوله تعالى: " وكَلّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْليماً " سورة النساء آية 164. ثم ذكر أحاديث في تكليم الله لموسى.
ثم قال: باب كلام الرب تعالى مع أهل الجنة، ثم ذكر حديثين في ذلك.
ثم قال: باب قول الله عز وجل: " فَلاَ تَجْعَلُوا للَّهِ أنْداداً وأنْتُم تَعْلَمُونَ " سورة البقرة آية 32. وذكر آيات في ذلك، وذكر حديث ابن مسعود في ذلك: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك.
وغرضه بهذا التبويب الرد على القدرية والجبرية، فأضاف الجعل إليهم، فهو كسبهم وفعلهم، ولهذا قال في هذا الباب نفسه: وما ذكر في خلق أفعال العباد وأكسابهم لقوله: " وخَلَق كلّ شيء فَقَدّرهُ تَقْديراً " سورة الفرقان آية 2. فأثبت خلق أفعال العباد وأنها أفعالهم وإكسابهم، فتضمنت ترجمته مخالفته للقدرية والجبرية.
ثم قال: باب قول اللّه عز وجل: " ومَا كنْتُم تَسْتَترونَ أنْ يشْهدَ عليْكُم سَمْعُكم ولا أبْصاركُم ولا جُلُودكُم ولكنْ ظَنَنْتُم أنَّ اللَّهَ لا يعْلمُ كثيراً ممّا تعْمَلونَ " سورة فصلت آية 22.
وقصده بهذا أن يبين أن الصوت والحركة التي يؤدى بها الكلام كسب العبد وفعله وعلمه، ثم ذكر أبواباً في إثبات خلق أفعال العباد، ثم ختم الكتاب بإثبات الميزان.
قول مسلم بن الحجاج رحمه اللّه تعالى: يُعرف قوله في السنّة من سياق الأحاديث التي ذكرها ولم يتأولها. ولم يذكر لها تراجم كما فعل البخاري، ولكن سردها بلا أبواب، ولكن تعرف التراجم من ذكره للشيء مع نظيره، فذكر في كتاب الإيمان كثيراً من أحاديث الصفات كحديث الإتيان يوم القيامة وما فيه من التجلي، وكلام الرب لعباده، ورؤيتهم إياه،. وذكر حديث الجارية، وأحاديث النزول. وذكر حديث: إن اللّه يمسك السموات على إصبع والأرضين على إصبع.
وحديث: يأخذ الجبار سمواته وأرضه بيده. وأحاديث الرؤية. وحديث: حتى وضع الجبار فيها قدمه. وحديث: المقسطون عند اللّه على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين. وحديث: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ... وغيرها من أحاديث الصفات محتجّاً بها وغير مؤول لها، ولو لم يكن معتقداً لمضمونها لفعل بها ما فعل المتأوّلون حين ذكرها.
قول حماد بن هناد البوشنجي، الحافظ أحد أئمة الحديث في وقته: ذكر شيخ الإسلام الأنصاري، فقال: قرأت على أحمد بن محمد بن منصور، أخبركم جدكم منصور بن الحسين، حدثني أحمد بن الأشرف قال: حدثنا حماد بن هناد البوشنجي قال: هذا ما رأينا عليه أهل الأمصار، وما دلّت عليه مذاهبهم فيه، وإيضاح منهاج العلماء، وطرق الفقهاء، وصفة السنة وأهلها: أن اللّه فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه، وعلمه وقدرته وسلطانه بكل مكان، فقال: نعم.
قول أبي عيسى الترمذي رحمه اللّه تعالى: قال في جامعه لما ذكر حديث أبي هريرة: لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله. قال: معناه لهبط على علم اللّه. قال: وعلم اللّه وقدرته وسلطانه في كل مكان، وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه.
وقال في حديث أبي هريرة: أن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه: قال غيرُ واحد من أهل العلم، في هذا الحديث وما يشبهه من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا. قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا ونؤمن به ولا نتوهم، ولا نقول: كيف؟. هكذا روي عن مالك، وابن عيينة، وابن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمّروها بلا كيف. قال: وهذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه. وقد ذكر اللّه تعالى في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر، فتأوّلت الجهمية هذه الآيات وفسّروها على غير ما فسّر أهلُ العلم. وقالوا: إن اللّه لم يخلق آدم بيده، وإنما معنى اليد ههنا القوة. فقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه إذا قال: يدُ كيدي أو مثل يدي، أو سمع كسمعي، فهذا تشبيه، وأما إذا قال كما قال اللّه: يد وسمع وبصر، فلا يقول: كيف، ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيهاً عنده. قال اللّه تعالى: " لَيْسَ كَمِثْله شيء وهُوَ السّميعُ البصيرُ " سورة الشورى آية 11. هذا كله كلامه. وقد ذكره عنه شيخ
¥