تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا يخرج المسألة ـ عندهم ـ عن باب التكفير بالكبائر جملة وتفصيلاً، ويلحقها بقضية الشرك ـ يعني عندهم ـ وأصل المسألة والبحث: هل اجتمع الخوارج على التكفير بالكبيرة مجردة عن غيرها من المعاني؟.

كما هي حقيقة البحث بين أبي الحسن والكعبي. ففلج أبو الحسن.

ففي هذا مع ما قبله ما يدل على أن مذهب النجدات عدم التكفير بالكبيرة، وبطلان وجوه المعارضة لذلك.

فهذا تمام الكلام على الوجه الأول من وجوه عدم انضباط التكفير بالكبيرة في أقوال الخوارج.

الوجه الثاني من وجوه عدم انضباط التكفير بالكبيرة في أقوال الخوارج: ما نقل أبو الحسن في المقالات عن طائفة من الخوارج: إن ما كان عليه حد واقع لا يتعدى الاسم، فيقال: زاني، قاذف، وما كان من الأعمال ليس عليه حد كترك الصلاة والصيام فهو كافر (27).

يعني يقال زاني، ويقال سارق، ولا يقال كافر، أما قوله " وما كان من الأعمال ليس عليه حد كترك الصلاة والصيام فهو كافر " فهو داخل في قضية التكفير بالمباني الأربعة وهذه أقوال مشهورة لأهل السنة بعضها أقوى من بعض. فهذا قوي في الطعن في الاجتماع على التكفير بالكبيرة.

والظاهر أن هذه الفرقة هي نفس التي قصدها البغدادي في الطعن في قول الكعبي باجتماع الخوارج على التكفير بالكبيرة والله أعلم.

الوجه الثالث: قال أبو الحسن: " والإباضية يقولون بأن كل كبيرة فهي كفر نعمة لا كفر شرك، وأن مرتكبي الكبائر في النار مخلدون " (28).

فقولهم كفر نعمة لا كفر شرك إزالة لحقيقة الكفر، وكونهم في النار مخلدون يشتركون فيه مع المعتزلة، فليس هذا بوصف مميز للخوارج عن غيرهم.

الوجه الرابع: حكى أبو الحسن عن قوم من الصفرية أنه لا يكفر صاحب الذنب حتى يقام عليه الحد، فإذا حد فهو كافر. وقبل الحد فهو مؤمن.

وهم موافقون لبعض البيهسية في ذلك. إلا أن الأخيرة لا تصفهم قبل الحد بإيمان ولا كفر (29).

وهذا أيضاً من الاضطراب الظاهر.

الوجه الخامس: أن الكبيرة في كلام أصحاب المقالات عند الخوارج الذين قاتلوا علياً رضي الله عنه، لم تكن في الأصل الزنا، والسرقة، والقتل، ونحو ذلك، وإنما كانت في التحكيم والرضا بالحكمين أو أحدهما. ومقصودهم بالكبيرة هنا يعني أن هذا كان ـ يعني عند الخوارج ـ دون الشرك.

ومن المفيد أن نختم بمقالة الشيخ الدكتور سفر الحوالي ـ حفظه الله ـ فيهم.

قال: " لقد اشتطت الخوارج، وغلت في النظرة لمرتكب الكبيرة وتشعب بها الخلاف في أحكامه، حتى كفّر بعض فرقها بعضاً.

لكن ليس هذا فحسب، وإنما الرزية كل الرزية أن مرتكب الكبيرة عندهم ليس هو الزاني أو السارق أو الكاذب ونحوهم من عصاة الأمة، وإنما هو علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعائشة، وأبو موسى، وعمرو بن العاص، ومعاوية، وأمثالهم من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فالحكم على هؤلاء بالكفر هو أصل عقيدة الخوارج، وحادثة التحكيم هي التي أثارت ذلك كما سبق.

وهذه هي البداية المهمة في تاريخهم " أهـ.

وهذه الوجوه كلها تجعل التكفير بالكبيرة وصفاً غير منضبط، وهم مختلفون فيه غاية الاختلاف يكفر بعضهم بعضاً لأجله، ومن رؤوسهم من لا يقول به أصلاً، ومن ثم فليس بصالح لأن يكون الوصف العام الجامع لطوائفهم؛ فضلاً لتمييزهم عمن عداهم.

إنما المعتبر في معرفتهم هو وصف النبي صلى الله عليه وسلم لهم كما تقدم.

والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البخاري (ح/3344)، ومسلم (ح/1064).

(2) البخاري (ح/3415)، ومسلم (ح/1066).

(3) أحمد (1/ 151).

(4) النسائي (2/ 311).

(5) مسلم (ح/1848).

(6) الملل والنحل (1/ 118).

(7) منهاج السنة (5/ 150).

(8) ح (4758).

(9) عون المعبود (12/ 5).

(10) مقالات الإسلاميين (ص86).

(11) الفرق بين الفرق (ص55).

(12) مذكرة التوحيد - (ص 121)

(13) حد الإسلام (ص432).

(14) حد الإسلام (ص418).

(15) مقالات الإسلاميين (ص91).

(16) الفصل في الملل والنحل (4/ 145).

(17) مقالات الإسلاميين (ص107).

(18) زاد المسير (1/ 417).

(19) البحر المحيط ـ موسوعة ـ (3/ 387).

(20) فتح القدير (2/ 25).

(21) مسلم شرح النووي ـ موسوعة ـ (1/ 189).

(22) رد المحتار ـ موسوعة ـ (3/ 478).

(23) في إرشاد العقل السليم ـ موسوعة ـ (1/ 95).

(24) الفرق بين الفرق: " الفرق بين الفرق ص66.

(25) الملل والنحل (1/ 166).

(26) مقالات الإسلاميين ص 91.

(27) انظر المقالات ص 102.

(28) مقالات ص110.

(29) انظر المقالات ص119.

ـ[أبو ريحانة]ــــــــ[01 - 07 - 07, 12:06 ص]ـ

تنبيه عن سقط: قولي " وإنما كانت في التحكيم والرضا بالحكمين أو أحدهما. ومقصودهم بالكبيرة هنا يعني أن هذا كان ـ يعني عند الخوارج ـ دون الشرك ".

له تتمة وهي: " والأدق التفصيل والتمييز بين تكفير علي والحكمين، وبين التكفير بالكبائر كما تقدم من حكاية البغدادي عن كل من أبي الحسن والكعبي في معرض تحقيقه الخلاف بينهما فيما اجتمع عليه الخوارج "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير