وأما بناء المساجد على القبور، فقد صَرَّح عامة الطوائف بالنهي عنه متابعةً للأحاديث الصحيحة، وصرح أصحابنا (يَعني: الحنابلة) وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريمه، وقال: وهذه المساجد المَبنيَّة على قبور الأنبياء والصالحين أو المُلوك وغيرهم: يَتعيَّن إزالتُها بهَدْم أو غيره، هذا مما لا أَعلم فيه خلافًا بين العلماء المَعروفين (المصدر السابق: ص240).
وإذا كان المسجد بُني على القبر يَجب إزالته كما قال العلماء، وخصوصًا إذا كان المسجد هو الطارئ على القبر، بخلاف العكس فإنَّ القبر هو الذي يَجبُ أن يُزال.
فمن الأولى والأوجب عند بناء المسجد أن يَبتعِد عن القبر، حتى لا يُصلِّي المسلم عليه ولا إليه، فقد نُهينا أن نُصلِّي إلى القبور أو عليها، ولا تكون هناك أي مشابهة لأهل الكتاب وغيرهم ممن اتخذوا القبور مساجد.
أما إذا كانت المقبرة قديمة، فيمكن الانتفاع بها، وخصوصًا إذا كانت لغير المسلمين فقد جاء في الصحيح أن المكان الذي بني فيه مَسجِد الرسول كان فيه قبور للمشركين، وأُزيل ما كان فيها من بقايا عظام.
وقد اختَلف الفقهاء فيما بينهم حول المدة التي يمكن الانتفاع بعدها بالمقبرة القديمة، والمقابر تَمْتَدُّ وتتَّسِعُ، ولا يمكن الناس ـ ولا سيما في عصر تَكاثُر السكان ـ أن يَستغنُوا عن هذه الأراضي القريبة من المدينة أو الواقعة في قلبها؛ لأنها كانت مقبرة في سالف الأزمان وغابر القرون، ولا سيما في البلاد التي لا تَتَمَتَّع بمساحات واسعة، فالضرورات أو الحاجات تَفرِض الانتفاع بالمقابر التي تَرَك الناس الدَّفْن بها من أزمنة طويلة، وقد قال الشاعر:
صاحِ هذي قبورنا تَملأ الرَّحْب فأين القبور مِن عَهْد عاد؟
خَفِّفِ الوَطءْ، ما أظن أديم الأرض إلا مِن هذه الأجساد
سِرْ إنِ استطعتَ في الهواء رويدًا لا اختيالاً على رُفات العباد
تَصيح بنا وإن قَدُم العهد هوان الآباء والأجداد
ولكنا لا نستطيع أن نُقِيم الأحكام الشرعية على الشِّعْر، فكيف نقيم مساجدنا إذن إذا كان أديم الأرض التي نَمشِي عليها من أجساد أجدادنا القُدامى!. والله أعلم
وهى منقولة من موقع (إسلام أون لاين.نت) والفتوى بتاريخ 19/ 06/2003
[ http://www.islamonline.net/servlet/Satellite ]
وله فتوى عن الخضر وهاك نص السؤال والفتوى:
نص السؤال: من هو الخضر؟ وهل هو نبي أو ولي؟ وهل هو حي إلى اليوم - كما يقول كثير من الناس وإن بعض الصالحين قد رآه أو اجتمع به. وإذا كان حيًا فأين يقيم، ولماذا لا يظهر ويفيد الناس بعلمه وخاصة في هذا الزمان؟ أرجو البيان الشافي.
نص الإجابة:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الخضر هو العبد الصالح الذي ذكره الله تعالى في سورة الكهف حيث رافقه سيدنا موسى عليه السلام وتعلم منه.
اشترط عليه أن يصبر، فأجابه إلى ذلك، فقال له: وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا، وظل معه، وهو عبد آتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علمًا، ومشى معه في الطريق ورآه قد خرق السفينة فقال: أخرقتها لتغرق أهلها؟ ... إلى آخر ما ذكره الله عنه في سورة الكهف.
وكان موسى يتعجب من فعله، حتى فسّر له أسباب هذه الأمور وقال له في آخر الكلام: (وما فعلته عن أمري، ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرًا) (الكهف: 82) يعني ما فعلت ذلك عن أمري، وإنما عن أمر الله تعالى.
بعض الناس يقولون عن الخضر: إنه عاش بعد موسى إلى زمن عيسى ثم زمن محمد عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين وأنه عائش الآن وسيعيش إلى يوم القيامة. وتنسج حوله القصص والروايات والأساطير بأنه قابل فلانًا، وألبس فلانًا خرقة، وأعطى فلانًا عهدًا ... إلى آخر ما يقصون وينسجون من أقاويل ما أنزل الله بها من سلطان.
ليس هناك دليل قط على أن الخضر حي أو موجود - كما يزعم الزاعمون - بل على العكس، هناك أدلة من القرآن والسنة والمعقول وإجماع المحققين من الأمة على أن الخضر ليس حيًا.
¥