تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(زعمه أن المشركين الأولين كانوا يعتقدون النفع والضر، والعطاء والمنع من غير رب العالمين، ويرد هذا صريح قوله تعالى: (قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون) (3)، وقوله تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) (4) .. ) (5).

ويذكر الحازمي الغاية من إرسال الرسل، فيشير إلى الفرق بين التوحيدين حيث يقول:

(اعلم أن الله تعالى لم يبعث رسله عليهم السلام وينزل كتبه ليعرف خلقه بأنه هو الخالق لهم، الرازق لهم ونحو ذلك، فإن هذا يقرّ به كل مشرك قبل بعثة الرسل، قال الله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم) (1) - وذكر الحازمي آيات كثيرة تدل على ما قال - … بل بعث رسله، وأنزل كتبه، لإخلاص توحيده، وإفراده بالعبادة لا يتمّ إلا بأن الدعاء كله لله والنداء والاستغاثة، والاستعانة، والرجا، واستجلاب الخير، واستدفاع الشر له ومنه، لا لغيره، ولا من غيره، ولا يدعى مع الله أحد .. وقد تقرر أن شرك المشركين الذين بعث الله تعالى إليهم خاتم رسله صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا باعتقادهم أن الأنداد التي اتخذوها تنفعهم، وتقربهم إلى الله زلفى، وتشفع لهم عنده مع اعترافهم بأن الله سبحانه هو خالقها، وخالقهم، ورازقها، ورازقهم، ومحييها ومحييهم ومميتها ومميتهم .. ) (2).

ثم يقول الحازمي - مبيناً وجه الشبه بين المشركين الأولين وبين عبّاد القبور:

(فإن قلت أن هؤلاء القبوريين يعتقدون أن الله تعالى هو الضار النافع، والخير والشر بيده وإنما استغاثوا بالأموات قصداً لإنجازه ما يطلبونه من الله عزّ وجل.

قلت: وهكذا كانت الجاهلية فإنهم يعلمون أن الله سبحانه هو الضار النافع، وأن الخير والشر بيده، وإنما عبدوا الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى كما حكاه الله عنهم في كتابه العزيز) (2).

ويورد الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين هذا التقسيم، ويسوق بعض أقوال أهل العلم التي توضح ذلك التقسيم وتقرره، فيقول رحمه الله:

(وأما الإقرار بتوحيد الربوبية وهو أن الله سبحانه خالق كل شيء ومليكه ومدبره. فهذا يقر به المسلم والكافر ولا بد منه، لكن لا يصير الإنسان به مسلماً حتى يأتي بتوحيد الإلهية الذي دعت إليه الرسل، وأبى عن الإقرار به المشركون، وبه يتميز المسلم من المشرك، وأهل الجنة من أهل النار، فقد أخبر سبحانه في مواضع من كتابه عن المشركين أنهم يقرون بتوحيد الربوبية، ويحتج عليه سبحانه بإقرارهم بتوحيد الربوبية على إشراكهم في توحيد الألوهية.

قال سبحانه: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار، ومن يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ومن يدبر الأمر فسيقولون الله} (1) الآية.

قال البكري الشافعي في تفسيره على هذه الآية: إذا قلت إذا أقروا بذلك فكيف عبدوا الأصنام؟ قلت: كلهم كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنام عبادة الله، والتقرب إليه، لكن في طرق مختلفة، ففرقة قالت: ليس لنا أهلية عبادة الله بلا واسطة لعظمته، فعبدناها لتقربنا إليه زلفى. وفرقة قالت: الملائكة ذو وجاهة عند الله، اتخذناها أصناماً على هيئة الملائكة لتقربنا إلى الله زلفى، وقالت: جعلنا الأصنام قبلة لنا في العبادة كما أن الكعبة قبلة في عبادته. وفرقة اعتقدت أن لكل صنم شيطاناً متوكلاً بأمر الله، فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان حوائجه بأمر الله، وإلا أصابه الشيطان بنكبة بأمر الله.

وقال ابن كثير عند قوله تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} (2) إنما يحملهم على عبادتهم أنهم عبدوا الأصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم، فعبدوا تلك الصور تنزيلاً لذلك منزلة عبادتهم الملائكة ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم، ورزقهم وما ينوبهم من أمر الدنيا.

وقال تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} (1) قال ابن عباس وغيره: إذا سألتهم من خلق السموات والأرض قالوا الله، وهم يعبدون معه غيره. ففسروا الإيمان في هذه الآية بإقرارهم بتوحيد الربوبية، والشرك بعبادتهم غير الله وهو توحيد الألوهية) (2).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير