لا أدري ما هو مرادك بقولك: " ما قولكم في وسئل القرية؟ يقدر مضاف أم لا؟ "، فلو قيل لك: نعم، هل تريد بذلك إلزامه أن يقدر مضافاً في قوله تعالى: " وجاء ربك "؟ هذا لا يلزم، لأننا لو قلنا إننا نقدر مضافاً في الأول فهو لوجود قرينة، وهي منعدمة في الثاني.
قال الإمام أبو عبد الله الشافعي رحمه الله تعالى في الرسالة: " باب الصنف الذي يبين سياقه معناه: قال الله تبارك وتعالى وهو يحكي قول إخوة يوسف لابيهم: " ما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون " فهذه الآية في مثل معنى الآيات قبلها، لا تختلف عند أهل العلم باللسان أنهم إنما يخاطبون أباهم بمسألة أهل القرية وأهل العير، لأن القرية والعير لا ينبئان عن صدقهم ".
قولك: "هذه أمور ومسائل في العربية فُرغ منها، أرى أنه لا فائدة في بعثها وتسويد الصفحات بها "
ما هو المشار إليه بهذه أمور ... ؟!
أما ما نقلته عن ابن حزم فلا أدري ما الذي تريد السؤال عنه، فضلاً أنه لا صلة له بالموضوع، على أن اعتقاد ابن حزم في الصفات شر من اعتقاد الأشعرية، وهذا الذي نقلتَه عنه من إنكار الصفات بحجة أنها أعراض صريح في ذلك قال شيخ الإسلام في شرح الأصفهانية: " وقد قاربهم - أي القرامطة - في ذلك من قال من متكلمة الظاهرية كابن حزم أن أسماءه الحسنى كالحي والعليم والقدير بمنزلة أسماء الأعلام التي لا تدل على حياة ولا علم ولا قدرة وقال لا فرق بين الحي وبين العليم وبين القدير في المعنى أصلا ومعلوم أن مثل هذه المقالات سفسطة في العقليات وقرمطة في السمعيات فإنا نعلم بالاضطرار الفرق بين الحي والقدير والعليم والملك والقدوس والغفور
وإن العبد إذا قال رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور كان قد أحسن في مناجاة ربه وإذا قال اغفر لي وتب علي إنك أنت الجبار المتكبر الشديد العقاب لم يكن محسنا في مناجاته وأن الله أنكر على المشركين الذين امتنعوا من تسميته بالرحمن فقال تعالى وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا وقال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون وقال تعالى كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم تتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب وقال تعالى قل ادعو الله أوادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى
ومعلوم أن الأسماء إذا كانت أعلاما وجامدات لا تدل على معنى لم يكن فرق فيها بين اسم واسم فلا يلحد أحد في اسم دون اسم ولا ينكر عاقل اسما دون اسم بل قد يمتنع عن تسميته مطلقا ولم يكن المشركون يمتنعون عن تسمية الله بكثير من أسمائه وإنما امتنعوا عن بعضها وأيضا فالله له الأسماء الحسنى دون السوأى وإنما يتميز الاسم الحسن عن الاسم السيء بمعناه فلو كانت كلها بمنزلة الأعلام الجامدات التي لا تدل على معنى لا تنقسم إلى حسنى وسوأى بل هذا القائل لو سمى معبوده بالميت والعاجز والجاهل بدل الحي والعالم والقادر لجاز ذلك عنده
فهذا ونحوه قرمطة ظاهرة من هؤلاء الظاهرية الذين يدعون الوقوف مع الظاهر وقد قالوا بنحو مقالة القرامطة الباطنية في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته مع إدعائهم الحديث ومذهب السلف وإنكارهم على الأشعري وأصحابه أعظم إنكار ومعلوم أن الأشعري وأصحابه أقرب إلى السلف والأئمة ومذهب أهل الحديث في هذا الباب من هؤلاء بكثير وأيضا فهم يدعون أنهم يوافقون أحمد بن حنبل ونحوه من الأئمة في مسائل القرآن والصفات وينكرون على الأشعري وأصحابه والأشعري وأصحابه أقرب إلى أحمد بن حنبل ونحوه من الأئمة في مسائل القرآن والصفات منهم تحقيقا وانتسابا أما تحقيقا فمن عرف مذهب الأشعري وأصحابه ومذهب ابن حزم وأمثاله من الظاهرية في باب الصفات تبين له ذلك وعلم هو وكل من فهم المقالتين أن هؤلاء الظاهرية الباطنية أقرب إلى المعتزلة بل إلى الفلاسفة من الأشعرية وأن الأشعرية أقرب إلى السلف والأئمة وأهل الحديث منهم ".
أما قول ابن حزم: " ولم يرد قط نص بلفظ الصفات ولا بلفظ الصفة "
قلت: ماذا يفعل بما أخرجه البخاري في كتاب التوحيد عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم ب {قل هو الله أحد}. فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال (سلوه لأي شيء يصنع ذلك). فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي صلى الله عليه و سلم (أخبروه أن الله يحبه.
وقد نبه الشيخ ابن العثيمين لمذهب ابن حزم عند شرحه لهذا الحديث من شرح البخاري الصوتي.
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[22 - 06 - 09, 06:46 م]ـ
أحسنت أبا الحسنات، زاد الله فى حسناتك.