تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا علمت حال ابن السبكي ظهر لك أن نفي نسبته للكتاب إنما دفعه إليه تنزيه الرازي وإحسان الظن به وتزييف رأي الذهبي كما هي طريقته في مثل هذه الأمور، لكن ابن السبكي لم يقدم دليلاً واحداً على أن الكتاب ليس للرازي بل إنه تردد في الأمر لاحقاً فقال: ولو ثبت أنه ألفه فإنه ليس بسحر!!، وهذا كما لا يخفى عليك لا يروج في سوق البحث العلمي القائم على الحجة والبرهان، ومن علم وأثبت حجة على من لم يعلم وأخذ ينفي.

أما المثبتون للكتاب والذين وقفوا عليه ونقلوا منه فهم أكثر العلماء الذين انتدبوا للكتابة في التراجم والتواريخ، فقد أثبته الذهبي في ميزان الاعتدال 3/ 340، ولعلك تقول إن الذهبي استفاد ذلك من شيخه ابن تيميّة ولا يبعد مثل هذا حقاً، غير أن أحد أبرع المحققين في علم التاريخ والناقدين له من الشافعيّة أثبت صحة الكتاب إليه ذاكراً إياه بصيغة الجزم، وهو ابن خلكان وذلك في كتابه "وفيات الأعيان" فقال في أثناء سرده لمؤلفات الرازي:" وفي الطلسمات: السر المكتوم" انظر 4/ 249 من الكتاب، وتجد في كتاب الزركان ص 109 عدداً من الذين أثبتوا صحة نسبة الكتاب ومنهم: ابن خلكان – أشعري - والصفدي – أشعري - والقفطي واليافعي – أشعري - والشهرزوري والخوانساري وابن تيمية والذهبي والزبيدي – أشعري - وهؤلاء أخلاط من العلماء فيهم السلفي والأشعري والرافضي والفيلسوف جميعهم يثبتون الكتاب للرازي.

ومحمد صالح الزركان - أشعري - من أشد المثبتين لصحة تأليف الرازي للكتاب، واستدل على ذلك بأدلة عديدة يأتي بعضها، ويُعد الزركان أحد أفضل الذين ألفوا دراسات عن الرازي وقد كان المشرف عليه الفيلسوف المصري المشهور قاسم عبده.

أما ابن تيمية فمن الواضح أنه وقف على الكتاب فقد ذكره في مواضع كثيرة، ولم يكتف بالحديث المجرّد عن الكتاب والإشارة إليه بل زاد على ذلك بأن كشف مادته المنكرة الضالة التي هي من جنس شرك بعض الأمم السابقة، فقال في "الرد على المنطقيين" ص286: "والكتاب الذي صنّفه بعض النّاس وسمّاه "السر المكتوم في السحر ومخاطبة النّجوم" فإن هذا كان شرك الكلدانيين والكشدانيين وهم الذين بُعث إليهم الخليل صلوات الله عليه وهذا أعظم أنواع السحر"، وانظر أيضاً "درء التعارض" 1/ 311 - 312 وفيه قوله: "بل قوم إبراهيم صلى الله عليه وسلم كانوا يتخذونها أرباباً يدعونها ويتقربون إليها بالبناء عليها والدعوة لها والسجود والقرابين وغير ذلك، وهو دين المشركين الذين صنّف الرازي كتابه على طريقتهم وسمّاه "السر المكتوم في دعوة الكواكب والنجوم والسحر والطلاسم والعزائم" وهذا دين المشركين من الصابئين كالكشدانيين والكنعانيين واليونانيين وأرسطو وأمثاله من أهل هذا الدين"، وانظر ص 111 من الدرء، وأيضاً "مجموع الفتاوى" 18/ 55 وكذلك الرد على البكري ص 316 ط المنهاج.

وإذا أردت أن تعرف حقيقة شرك هؤلاء الذين ذكرهم ابن تيمية فانظر في كتاب "الملل والنحل" للشهرستاني ص 305 وما بعدها ففيه إفاضة وبسط لحال تلك الأمم وشركها بالله واعتقادهم بتأثير الأفلاك والكواكب والنجوم، ثم قارن ذلك بما سوف أذكره لك قريباً من النقولات عن الرازي ليتبيّن لك أن الرازي – غفر الله - أحيى شيئاً منكراً عظيماً من بائد ديانتهم التي أتى الأنباء والرسل بنقضها وهدمها وإقامة بنيان التوحيد على أنقاضها.

ويعتضد ما سبق أيضاً بذكر الرازي للكتاب في غير موضع من مؤلفاته وإحالته عليه باعتباره من كتب السحر، وقد أشار الزركان إلى عدد من تلك المواضع والمؤلفات فلتراجع في كتابه عن الرازي ص 110.

أمّا الدليل القاطع على صحة الكتاب ونسبته، وعلى أن الرازي كان مولعاً بأمور السحر والتنجيم وتأثير الكواكب فهو ما ذكره وقرره بطريقة مستفيضة في كتابه "المطالب العالية" من أمور السحر وتأثير الكواكب والنجوم وطريقة عمل الطلاسم وغيرها، وهو آخر كتاب ألّفه، قال ابن تيميّة: "وكذلك في "المطالب العالية" التي هي آخر كتبه" انظر "درء التعارض" 4/ 290، وأكّد محمد صالح الزركان في كتابه عن الرازي ص 94 - 96 أن "المطالب العالية" آخر ما ألّفه الرازي وفيه ما استقر عليه رأيه نهاية عمره، وقد كتب الرازي في نهاية الجزء السابع منه أنه فرغ من ذلك الجزء سنة 605 هـ ومات في أثناء كتابة الجزء الثامن فقد كانت وفاته سنة 606 هـ كما هو معلوم من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير