قال شارحه أبو الحسن بن الطفيل في شرحه عليها: "الإمالة المحضة إنما جىء بها لتدل على أن الألف منقلبة عن ياء أو مشبهة بما أصله الياء، أو للتأنيث، وهذا الحرف الرابع من المزيدة ()،ومخرجه بين مخرج الألف والياء، والفتح لا دلالة فيه، فتوسط ورش اللفظين، وأتى بلفظ فيه إعلام بالدلالة على الأصل والمحافظة على الحرف المغير فقرأ بين اللفظين:
1.كل ألف في اسم أو فعل هي منقلبة عن ياء وقبلها راء نحو ترى ونرى وأرى واعترى وافترى وأدرى ومجرى وافتراه واشتراه ويتوارى وتتمارى والتورية بأي إعراب كانت.
2.وكذا قرأ كل ألف منقلبة عن ياء هي لام الفعل أيضا في مثل "فعل"مما فاء الفعل فيه راء أو عينه همزة نحو نئا ورءا ورءاك ورءاها وفرءاه وشبهه من لفظه حيث وقع، قرأ ألف ذلك كله بين الفتح والإمالة، وهو الذي يسمى بين اللفظين، وقد قرأت له "ولو أراكهم" بالفتح كما ذكر.
3.وكذلك قرأ أيضا الألف التي للتأنيث نحو "ذكرى" و"بشرى" و"أسرى" وشبهه مما هو على وزنه مثل فعلى وفعلى وفعلى- يعني باختلاف حركة أوله-مما قبل ألفه راء.
4.وكذا أيضا قرأ الألف المشبهة بما أصله الياء وهي الألف الزائدة على لام الفعل في الجمع، وتوجد في مثال فعالى وفعالى نحو "النصارى" و"سكارى" وشبههما.
5.وكذا قرأ "يا بشراي" ().
وقد أجمل أبو الحسن بن بري أصول الأزرق هنا على طريقة أخرى وبين المتفق عليه والمختلف فيه فقال:
"أمال ورش من ذوات الياء
نحو رءا بشرى وتترا واشترى ذا الراء في الأفعال والأسماء
ويتوارى والنصارى والقرى
أطلق ههنا وعمم في ذكر أصله في ذوات الياء مطلقا التي قبل الألف الممالة فيها راء كالأمثلة التي ساقها، قال الداني في "إرشاد المتمسكين" بعد أن ذكر أمثلتها: "فلا خلاف عن ورش أنه يقرأ جميع ذلك بين اللفظين" ().
وأما ما لا راء فيه وكذا لفظ "أراكهم" لتوسط الألف فيه بوجود ثلاثة أحرف بعده فقد ثبت عنه بالوجهين، قال ابن بري:
"والخلف عنه في "أريكهم"وما لا راء فيه كاليتامى ورمى"
فاستثنى له من ذوات الياء التي فيها راء قبل ألفها "ولو أريكهم" في سورة الأنفال فذكر فيه الخلاف.
قال أبو عمرو في "التلخيص": "واختلف أهل الأداء عنه في موضع واحد من الأفعال وهو قوله في الأنفال: "ولو أريكهم كثيرا"، فعامة المصريين على إخلاص القتح فيه أداء عن مشيختهم" ().
وقال في كتاب "الراءات والامات لورش": "وأقرأني أبو الفتح عن قراءته "ولو أريكهم" في الأنفال بإخلاص الفتح وكذلك رواه أصحاب ابن هلال عنه، وقال في الموضح: "وقد اختلف المصريون عنه في موضع واحد مما فيه الراء وهو قوله تعالى في سورة الأنفال: "ولو أريكهم"، فروى عنه عامتهم الفتح فيه، وبذلك أقرأني أبو الفتح عن قراءته على أصحابه، وعليه أحمد بن هلال وعامة أصحابه"، وروى عنه آخرون بين بين، وكذلك أقرأني ابن خاقان وابن غلبون وهو القياس" ().
قلت: والعمل فيه على التقليل كسائر ذوات الياء مما فيه راء ليجري الباب على سنن واحد قال أبو عمرو في إرشاد المتمسكين: "وبذلك قرأت على ابن خاقان وأبي الحسن عن قراءتهما، وهو الصواب، لأني لم أجد ذلك مستثنى في كتاب أحد من أصحابه"، قال المنتوري: "وظاهر قوله- الداني- في الاقتصاد والتيسير والتعريف والموجز والتهذيب الإمالة بين بين لأنه لم يستثن ذلك في أحد منها" ().
وقد أجمل الإمام الشاطبي أصل ورش في ذوات الياء فذكر المتفق عليه بالإمالة والمختلف فيه عنه فقال:
"وذو الراء ورش بين بين وفي أرا * كهم وذوات اليا له الخلف جملا
وهذا التفريق يدل على أن مذهب ورش فيما فيه راء من ذوات الياء هو الإمالة فقط، ولم ينقل أحد له الفتح فيما أعلم من طريق الأزرق فيه، ولا نقل فيه خلافا إلا في "أراكهم" في سورة الأنفال، فلا بد إذن من إمالتها إمالة يسيرة بين بين قال أبو شامة: "وصفة إمالة بين بين: أن تكون بين لفظي الفتح والإمالة المحضة- كما تقول في "همزة بين بين "إنها بين لفظي الهمز وحرف المد، فلا هي همزة ولا حرف مد- فكذا هنا لا هي فتح ولا إمالة قال:
¥