يعني أن قوله تعالى (ويكأن الله) وقوله (ويكأنّه) وكلاهما في القصص، يقف فيهما مرموز راء رض وهو الكسائي على الياء ويقف فيهما مرموز حاء حلّلا وهو أبو عمرو على الكاف، ويقفان فيهما أيضاً كالباقين على الكلمة برأسها، هذا هو الأولى والمختار في مذاهبهم اقتداءً بالجمهور وأخذاً بالقياس الصحيح كما قاله في النشر ولذا قدمه الناظم، و ما ذكر من الكسائي من الوقف على الياء وعن أبي عمرو من الوقف على الكاف ضعيف حكاه جماعة أكثرهم بصيغة التمريض ولم يذكره عنهما بصيغة الجزم إلا الإمام الشاطبي والإمام ابن سريج، وتركا حكم الابتداء وحكاه جماعة بأن الكسائي يبتدأ بالكاف وأبا عمرو يبتدئ بالهمزة [27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn27).
9- وأما قولهم: يجوز الوقف على مثل هذا اختباراً، فعندي في هذا نظر، إذ يقال كيف يتعمد الوقف على ما لا يجوز الوقف عليه لأجل الاختبار وهو ممكن من غير وقف بأن يقال للمختَبر – بفتح التاء – كيف تقف على كذا فأن وافق وإلا علّم.
مثلاً الوقف على (كُفُواً) قرأ حفص بإبدال الهمزة واواً وصلاً ووقفاً، والباقون بالهمز، وقرأ حمزة بإسكان الفاء، والباقون بالضم لغتان: فأن وقفت عليه وليس بموضع وقف ففيه لحمزة وجهان:
1 - النقل على الأصل المطّرد، وهو المختار لجماعة.
2 - إبدال الهمزة واواً مع إسكان الفاء على اتباع الرسم.
وحكي فيها ثالث: وهو التسهيل. ووجهه رابع: وهو التشديد على الإدغام، وكلاهما ضعيف. ووجه خامس: وهو ضم الفاء مع إبدال الهمزة واواً، قال الداني: والعمل بخلاف ذلك [28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn28) .
10- كان قدامى المؤلفين يحتجون للقراءات المتواترة بالنحو وشواهده عكس للوضع الصحيح، وأن السلامة في المنهج والسداد في المنطق العلمي التاريخي يقضيان بأن يُحتجَّ للنحو ومذاهبه وقواعده وشواهده بهذه القراءات المتواترة لما توفر لها من الضبط والوثوق والدقة والتحريّ شيء لم يتوافر بعضه لأوثق شواهد النحو،ولقد قال شيخ تونس العلامة محمد طاهر ابن عاشور، ما يفيد اعتراضه على ذلك التحكم الخطأ في مقدمة تفسيره (التحرير والتنوير) بصدد كلامه على القراءات: وأما ما خالف الوجوه الصحيحة في العربية ففيه نظر قوي، لأنا لا ثقة لنا بانحصار فصيح كلام العرب فيما صار إلى نحاة البصرة والكوفة، وبهذا نبطل كثيراً مما زَيَّفَهُ الزمخشري من القراءات بعلّة أنها جرت على وجوه ضعيفة في العربية.اهـ.
وقوله تعالى (فأنظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنَّه) البقرة/259، قرأ حمزة والكسائي (لم يتسنَّ) بحذف الهاء في الوصل، أي لم تغيره السنون، والهاء زائدة للوقف وحجتهما: أن العرب تقول في جمع السنة: سنوات، وفي تصغيرها: سُنَيّة، تقول سانيت مساناة، فالهاء زيدت لبيان الحركة في حال الوقف، فإذا وصل القارئ قراءته اتصلت النون بما بعدها فاستغنى عن الهاء حينئذ فطرحها لزوال السبب الذي أدخلها من أجله وكان في الأصل (لم يتسنَّى) فحذفت الألف للجزم.
وكان الفرّاء يقول (لم يتسنَّه): لم يتغير كما في قوله (من حمأً مسنون) الحجر /36، أي من حمأً لم يتغير، وكان الأصل (لم يتسنَّن) ثم قلبت النون الأخيرة ياءً استثقالاً لثلاثة نونات متوالية كما قالوا: تظنَّيتُ، وأصله: الظنّ، فصارت (يتسنى) ثم يدخل الجزم على الفعل فتسقط الياء فتصير (لم يتسنَّ) ثم زادوا الهاء للوقف، فإذا ادرجوا القراءة حذفوا، لأن العلة زالت.
وقرأ الباقون (لم يتسنَّه) بإثبات الهاء في الوصل، أي لم تأت عليه السنون، فالهاء: لام الفعل،وسكونها علامة جزم الفعل وحجتهم أن العرب تقول: سانهت مسانهة، وفي التصغير: سُنَيهَة، فلهذا أثبتوا الهاء في الوصل لأنها لام الفعل.
قال سُويد بن صامت الأنصاري:
فليست بسنهاء ولا رُجَّبيَّةٍ ولكن عرايا في السنين الجوائح
السنهاء: النخلة تحمل سنة ولا تحمل أخرى، أو التي أصابتها السنة المجدبة. رجبية: نسبة إلى الرُجبة، وهو من شذوذ النسب. الجوائح: السنون الشداد التي تهلك المال.
أما ما ثبت في الخط فينبغي ألا يحذف كما لا تحذف هاء من (حسابيَه) و (كتابيه) وأن تجري مجرى الموقوف عليه ولا توصل
¥