أن الضاد والظاء من الأحرف التي يكثر استعمالها في لغة العرب بل أشار بعض علماء اللغة والأداء إلى أن الظاء المعجمة للعرب خاصة. وتغنى أبو الطيب المتنبي في بيت له بانفراد العرب بنطق الضاد. وكان العرب الأوائل يفرقون بينهما دون القياس لأنهم في عهد السليقة أو على قرب منها.
وحينما انتقل العرب من جزيرتهم وامتزجوا بغيرهم حدث خلط بين الضاد والظاء. وقد كان من العرب من يؤثر الظاء في نطقه، ولا يزال هذا إلى اليوم في جهات من العالم العربي. . ونلاحظ انتقال الظاء إلى الضاد في بعض الكلمات في بعض الجهات في مصر.
وقد أشار بعض العلماء إلى وجوده قديماً عند العرب. ومن ثم وجدنا الغيارى من العلماء يضعون رسائل للتفرقة" " بين الضاد والظاء فيما وردا فيه من كلمات سواء أكانت في القرآن الكريم أم في غيره
وقد أحصى أحد الباحثين ثلاثين رسالة ألفت جميعها في التفريق بين الضاد والظاء.
وأود في هذا البحث أن أعرض للحرفين من الوجهة الصوتية والتاريخية واللهجية سائلاً الله العون لبلوغ القصد
يذهب الخليل إلى أن (الضاد شجرية من مخرج الجيم والشين) " " والشجر عنده (مفرج الفم أي مفتتحه) " ". ويذكر سيبويه أن مخرجها (من بين أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس) " " ويصفها بالجهر والرخاوة والإطباق" " وكلام سيبويه يفيد أنها (تكون من الجانبين) " "
ويذكر ابن الجزري أنها (من أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس من الجانب الأيسر عند الأكثر ومن الأيمن عند الأقل) " " ويزيد على سيبويه في أوصافها الاستطالة " " ويستفاد من اختلافهم في مكان نطقها أن نقطة إنتاجها لم تكن واحدة عند النطق بها.
ففريق ينطق بها من شجر الفم، وفريق ثان ينطق بها من الجانب الأيسر ويمثل هذا أكثر الناطقين، وفريق ثالث ينتجها من الجانب الأيمن، وفريق رابع يخرجها من الجانبين، والفريق الثالث والرابع عزيز وهو معنى قول الشاطبي رحمه الله إلى ما يلي الأضراس وهو لديهما يعز وباليمنى يكون مقللا " ".
ومما يدل على أن اختلاف وصف القدامى يعود إلى اختلاف اللهجات ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قرشي كان يخرجها من الجابين " ". وورد أنه من مختصات سيدنا عمر رضي الله عنه. والخليل حين ذكر أنها شجرية " " من وسط اللسان لم يبعد عن وصف معظم علماء اللغة لها لأنها إذاً كانت تخرج من إحدى حافتي اللسان وما يحاذيها من الأضراس العليا فإن أول تلك الحاقة مما يلي الحلق ـ ما يحاذي وسط اللسان بعد مخرج الياء" ".
والقدامى من علماء اللغة كانوا يعتمدون في تحديد مكان النطق للصوت ووصفه على الملاحظة الذاتية، وهي لا تختلف كثيراً عما يراه المحدثون من علماء الأصوات، على الرغم من أنه لم تكن لديهم معامل وأجهزة، كما هو الحال.
وعلى هذا فأن الاختلاف في تحديد مكان إنتاج صوت الضاد لدى القدامى مرده إلى اختلاف الناطقين بها.
ويذكر سيبويه أن مخرج الظاء مما بين طرف اللسان وأطراف الثنايا" " ويصفها بالجهر والرخاوة والإطباق " " والضاد مثلها في تلك الصفات كما سبق وتزيد عليها بوصف الاستطالة، كما ذكر بن الجزري. وقد أشار سيبويه إلى الاستطالة عند الحديث عن الضاد الضعيفة " " وكل من الصوتين يتكون مع التفرقة بينهما باختلاف نقطة الإنتاج ونحب هنا أن نمس هذه المصطلحات التي تتعلق بالصفات مساً خفيفاً من خلال ذلك لنصل إلى كيفية تكوين كل منهما.
أولاً: الجهر
ــــــــ
والمجهور عند سيبويه: (حرف أشبع الاعتماد في موضعه ومنع النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد عليه ويجري الصوت) " ".
والمجهور عند المحدثين: مااحتك معه الهواء الخارج من الرئتين بالوترين الصوتيين في الحنجرة " ".
ويكاد يتفق المحدثون والقدامى في عد الأصوات المجهورة وهذا يدل عندي على أن القدامى كانوا يحسون بمكان الاعتماد وهو الحنجرة وهو لا يكون إلا عند اقتراب الوترين الصوتيين. فإذا انقضى زمن الاحتكاك بهما جرى الصوت. وعلى هذا فالضاد والظاء يعتمد لهما في الحنجرة حين يقترب الوتران الصوتيان حيث يحتك الهواء بهما محدثاً الصوت
ثانياً: الرخاوة
ـــــــــ
¥