الرخو: (هو الذي يجري فيه الصوت) " " ذلك لأنه (ضعف الاعتماد عليه عند النطق به فجرى معه الصوت، فهو أضعف من الشديد، ألا ترى أنك تقول: (أس) (أش) فجرى النفس والصوت معاً وكذلك أخواتهما " " وتفسر الرخاوة في العرف الصوتي الحديث بالاحتكاك وهذا ما أتاه القدامى إذ أن مجرى الهواء عند المخرج يكون ضعيفاً جداً. ويترتب على ضيق المجرى أن الهواء يحتك بعضوي النطق محدثاً صفيراً أو حفيفاً تبعاً لنسبة ضيق المجرى " ".
وعلى هذا فالضاد والظاء حسب وصف القدامى لهما بالرخاوة يضيق مع كل منهما المجرى عند المخرج فيحتك الهواء بعضوي النطق محدثاً حفيفاً. والضاد كما نسمعها الآن في مصر يتصل معها عضوا النطق اتصالاً ما يحول دون مرور الهواء، وعلى هذا فهي شديدة. فإذا انفرج العضوان اندفع الهواء بقوة محدثاً نوعاً من الانفجار وهذا معنى المحدثين لها بالانفجار" " وعلى هذا فهي لا تختلف عن الدال في شئ سوى أن الضاد أحد أصوات الإطباق.
والواقع أن الضاد القديمة قد أصابها بعض التغيّر حتى صارت دالاً مفخمة كما نعهده الآن في مصر لدى العامة وكثير من الخاصة وإن كان التطور أمراً طبيعياً إلا أن الخاصة يجب أن ينأوا بها عن هذا النطق، لأنها حينئذ تعطي (إطباقاً أقوى كإطباق الطاء فتزول حينئذ حافة اللسان عن الأضراس ويصل رأس اللسان إلى الثنيتين العلويتين، كما في الطاء مع أن إطباق الضاد أقل من الطاء، وفيها استطالة ورخاوة بحيث يخرج معها نفس قليل) " ".
ثالثاً: الإطباق
ـــــــــ
والأحرف المطبقة هي: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء. ومعنى إطباقها أنك إذا وضعت لسانك في موضعهن انطبق لسانك من موضعهن إلى ما حاذى الحنك الأعلى من اللسان ترفعه إلى الحنك فإذا وضعت لسانك فالصوت محصور فيما بين اللسان والحنك إلى موضع الحرف " ".
ويعلل ابن الجزري لكونها مطبقة بأن (طائفة من اللسان تنطبق مع الريح إلى الحنك الأعلى عند النطق بها مع استعلائها في الفم) " "، ولا يختلف ما قاله المحدثون عما قال به علماء العربية وأهل الأداء. وعلى هذا فإن مؤخر اللسان يرتفع مع الضاد والظاء نحو أقصى الحنك الأعلى آخذاً شكلاً مقعراً على حين طرفه مشتركاً مع عضو أخر في إخراج كل منهما " ".
ويوازن ابن الجزري بين أحرف الإطباق معللاً:
فالطاء أقواها في الإطباق وأمكنها لجهرها وشدتها، والظاء أضعفها في الإطباق لرخاوتها وانحرافها إلى طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، والصاد والضاد متوسطان في الإطباق " ".
رابعاً: الاستطالة
ـــــــــ
وتنفرد بها الضاد ووصفت بذلك، لأنها استطالت على الفم عند النطق بها حتى اتصلت بمخرج اللام، وذلك لما فيها من القوة بالجهر والإطباق والاستعلاء قويت في الخروج من مخرجها " ".
تصور المحدثين لنقطة إنتاج الضاد القديمة:
ــــــــــــــــــــــــ
ويتصور الدكتور أنيس الضاد القديمة (بأن يبدأ المرء بالضاد الحديثة،ثم ينتهي نطقه بالظاء) إذن فهي مرحلة وسطى فيها شئ من شدة الضاد الحديثة وشئ من رخاوة الظاء العربية " "، والذي دعاه إلى ذلك عد القدامى لها من الأصوات الرخوة، وهذا التصور أخذه من كانتينو الذي افترض لنطق الضاد القديمة ثلاثة افتراضات:
نطق قريب من الدال المفخمة ذو زائدة لامية.
نطق قريب من الظاء ذو زائدة انحرافية.
نطق قريب من الزاي المفخمة ذو زائدة انحرافية.
ويرجح كانتينو الافتراض الثاني " ". ويذهب إليه أيضاً الأستاذ الأنطاكي الذي تصور أن الضاد القديمة كانت مثل الظاء تماماً ما عدا صفة الانحراف التي تشبه فيها اللام " ".
وهذا التخيل عند الثلاثة ينطبق على الضاد الضعيفة التي لا تستحسن في قراءة القرآن، ولا في الأشعار، يقول ابن يعيش: (والضاد الضعيفة من لغة قوم اعتاصت عليهم فربما أخرجوها طاء، وذلك أنهم يخرجونها من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا وربما راموا إخراجها من مخرجها فلم يتأتى لهم فخرجت بين الضاد والظاء " ".
ويرجح الدكتور أحمد مختار عمر أن نطق الضاد القديمة كان قريباً من نطق اللام فهي جانبية مثلها وهي من مخرجها أو أقرب ما تكون إلى مخرجها " ".
¥