القصة فإن الجانب الحسي يفرض على المؤذن أن لا يرفع صوته لأنه ليس مقصودا أن يسمعها كل الناس في السوق لأن يوسف هو الذي دبر الموضوع لكي يأخذ أخاه ولأنه لا يريد فضيحة إخوته أمام الناس، فأنا عندما أعكسها أثناء القراءة إذا وجد عندي الحس فإنك تسمعها وتحس بها وتتعجب لماذا لم أرفع صوتي بها؟ ولماذا قرأتها بهدوء؟ فهذا الجانب هو أن أنقل لك القرآن بصوتي إلى حسك فكأنني أفسره لك بمواقفه وأحداثه وهذه منزلة عظيمة أكرمني الله بها.
• أخذت منك كم سنة؟
أكثر من أحد عشر عاما من الملازمة كان فيها الشيخ عبدالفتاح القاضي يفرغ ما في صدره في صدري، وكنت أذهب إليه يوميا فأصلي المغرب في مسجد قباء وأذهب إلى منزله ولا أخرج إلا إذا طلب مني ذلك وكنت وقتها متزوجا وعندي أولاد، ولكنني حرصت على الوصول لهذه المنزلة لأن الجانب التلقيني للحاسة القرآنية من أدق الأمور التي يتعلمها الطالب من الشيخ، كما إنه لا يصل إلى الدرجة العالية منها حتى يقرأ بإحساس شيخه، وكنت أحبس نفسي عن كل الأمور، ولعلمك فأنا لم أصل لآبار علي ولم أر مسجدها ستة أعوام متتالية، كما لم أصل إلى المطار ستة أعوام أخرى، وكنت ملتزما من البيت إلى المدرسة إلى المسجد النبوي لدرجة أن الناس يتعايدون في العيد وأنا أذهب بعد المغرب إلى المسجد النبوي لأراجع دروسي ولو لم يأت الشيخ.
• إذن الملازمة شرط أساسي في تعلم القرآن؟
الدروس قسمان نقرأها في الكتب، وأخرى نقرأها في صفحات حياة الناس ويستخرجها الطالب بملازمته للشيخ وهذه الملازمة فيها بركة التعلم أكثر من الكتب.
• هذا يعني أن التسجيلات التي امتلأت بها لقراء القرآن صغارا وكبارا فيها نظر وعليها ملاحظات؟
هذه حدود علمهم، وهم مقتنعون بما يفعلون لكن الأولى أن يكون هناك احترام لكتاب الله وأن لايجرؤ الإنسان على هذا العمل الارتجالي في مسائل القرآن الكريم، فالمصحف الذي سجلته وأنا شيخ للقراء في مجمع الملك فهد أخذ مني أربع سنوات حتى أتممته، وكنت أقرأ على لجنة من خيرة العلماء في العالم الإسلامي في ذلك الوقت، ورغم ذلك كنت أتمنى كما جاء في الحديث (لو استقبلت من أمري ما استدبرت) أن أعمل أفضل من ذلك.
• وهل مازلت تدرس النساء أيضا؟
مازالت الدروس مستمرة في منزلي منذ أكثر من عشرين عاما، وقد تخرج على يدي طالبات كثيرات ممن لهن جهود مؤثرة في حركة الإقراء بين النساء والحمد لله، ومنهن زينب سيدات وعائشة هوساوي وصفاء كردي، وهناك الكثير غيرهن داخل المملكة وخارجها، لكنني شخصيا لم أدرس على يد امرأة وإن درس بعض زملائي على يد امرأة مصرية كانت مشهورة في فترة سابقة في الرياض.
• الكثير من الناس لديهم يأس من مسألة الحفظ بعد الخمسين؟
يستطيع الإنسان الحفظ حتى في السبعين من عمره وليس هناك سن معين للحفظ فقط عليه أن يطبق النظام والالتزام الذي جاء به الإسلام في الجانب العبادي على خلاف الشرائع الأخرى التي لم تكن تهتم بهذا الجانب.
• ظللت لفترة طويلة على صلة بأوقاف المغاربة .. فلماذا تركتها؟
اشتغلت فيها في فترة سابقة وانتهيت منها الآن ولا علاقة لي بها.
• أليس غريبا أن تكون شيخا للقراء ومعلما في المسجد النبوي ولا يحفظ أي من أبنائك القرآن؟
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فأبنائي لم يحفظوا القرآن ولا بناتي أيضا لأنهم لم يرغبوا في ذلك رغم حرصي، لكنني لم أجد لديهم التوجه فلم أفرض عليهم شيئا وتركت لهم الاختيار.
• أشعر أن لديك ملفات مغلقة لا تريد الحديث عنها؟
كل إنسان لديه ملفات مغلقة لا يريد أن يفتحها حتى أنت.
• لكنك تحدثت عنها في السابق؟
لم يتغير أسلوبي لا في السابق ولا الآن.
• وهل تسافر لإحياء الليالي القرآنية في رمضان أو مسابقات القرآن الكريم؟
ليست وظيفتي إحياء الليالي القرآنية في رمضان في الداخل أو في الخارج ولو وزنوني بالذهب لا أقبل بهذه المسألة لأنني معلم للقرآن فقط.
• تعتبرها نوعا من المتاجرة بكلام الله؟
لا أعتبرها متاجرة وليس عندي فيها مذمة أو مدح، ولكنها ليست صنعتي وأنا لدي منبر أسأل الله أن ينير به الطريق ويصلح به الحال وننأى بالكلمة فيه عن الزور والبهتان والكذب.
• وهل تفوق عليك طلابك؟
لابد أن يتفوقوا علي؛ لأنني ذاهب للضعف وهم للقوة، ويفترض أن يكونوا أحسن مني وهذا أمر يسعدني، فأنا لم أجمع علما لكي أبخل به على أحد.
¥