وعن عائشة رضي الله عنها ايضا" انها قالت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: لا بأس شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له، فنزلت: "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك" إلى قوله: "إن تتوبا إلى الله" لعائشة وحفصة {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِي إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} لقوله: بل شربت عسلا (4)
وروي ابن جريج، عن عطاء بإسناده وقال: قال: لا ولكن كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جحش فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدًا يبتغي بذلك مرضاة أزواجه (5).
والمعنى العام
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ هو نداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم،والله عز وجل ما خاطبه في القرآن كلَّه باسمه مباشرةً كما خاطب بقية الأنبياء
والمعنى أي: يا أيها الذي أنعم الله عليه بالنبوة والوحي والرسالة وقد عبر بلفظ النبي في قوله ((يَا أَيُّهَا النَّبِي)) لإشعار بصدقه صلي الله عليه وسلم في دعوى النبوة.
قوله: ((لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)) .. من الطيبات، التي أنعم الله بها عليك وعلى أمتك. من ملك اليمين فتحرم مارية على نفسك او تحرم عليك وعلى نفسك شرب العسل وتمتنع عن الانتفاع به مع اعتقاد كونه حلالا" لك, والله يحل و يحرم لحكمة, فاذا حرم العبد الحلال كان في ذالك قلب للمصلحة وتغير للحكمة التى يريدها الله وهذا شي لا يقبله ربنا تبارك وتعالى.
. قال الزجاج: وليس لأحد أن يحرّم ما أحلّ الله.
قال الشوكانى: وهذا هو الحقّ أن تحريم ما أحلّ الله لا ينعقد ولا يلزم صاحبه. فالتحليل والتحريم هو إلى الله سبحانه لا إلى غيره، ومعاتبته لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه السورة أبلغ دليل على ذلك، والبحث طويل، والمذاهب فيه كثيرة،
وقد أبرز النص القرانى الخبر في صورة الاستفهام, فقال ((لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ))؟
رفقا" به صلي الله عليه وسلم وشفقة" عليه بابي هو وامي , وتنويها" بقدره ومنصبه صلي الله عليه وسلم حين ابتغي مرضاة زوجاته بما يشق عليه, وذالك جريا" على ما الف من لطف الله بنبيه صلي الله عليه وسلم.
{تَبْتَغِيَ} بذلك التحريم مرضاة أزواجك, وقوله {مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} هذا تصريح بأن الله قد غفر لرسوله، ورفع عنه اللوم، ورحمه، وصار ذلك التحريم الصادر منه، سببًا لشرع حكم عام لجميع الأمة، فقال تعالى حاكما حكما عاما في جميع الأيمان (6)
يتبع ان شاء الله تفسير بيقية الاية مع الاية الثانية
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°
(1) انظر: الدر المنثور: 8/ 213.
(2) انظر: الطبري: 28/ 157، ابن كثير: 4/ 387، الدر المنثور: 8/ 216 - 217 البغوى ((8/ 159,160)) , فتح القدير للشوكانى.
(3) أخرجه البخاري في الطلاق، باب (لم تحرم ما أحل الله لك) 9/ 374 - 375، ومسلم في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق برقم (1474): 2/ 1101 - 1102.
(4) أخرجه البخاري في التفسير - تفسير سورة التحريم - باب (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) 8/ 656، ومسلم في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق برقم: (1474) 2/ 1100، والمصنف في شرح السنة: 9/ 226.
(5) أخرجه البخاري في الطلاق، باب (لم تحرم ما أحل الله لك) 9/ 374.
(6) انظر: المراجع السابقة لكتب التفسير واللفظ هنا للشوكانى في فتح القدير