تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يَملك معها الغيور إلا أن يقول:

إن دام هذا ولَم يَحدث له غير

لَم يبكَ ميت ولَم يفرح بِمولود

هذا مع كونها قبل (1330هـ) مع ضعفها إذ ذاك، يكون فيها ما يناهز المائة لكل مدرسة من المدارس الكبرى؛ مثل الأدوزية والتانالتيَّة والبونعمانية والمحمدية والبعبدلية والإلغية والتيمجدشتية فلله الأمر من قبل ومن بعد، وقد توفي سيدي العربي الأدوزي سنة (1286هـ) عن مائتين من الطلبة فأين ذلك اليوم ولا نصفه ().

[59]

الأدب العربي السوسي

رأى معنا القارئ كل ما ذكرناه في الفصلين المتقدمين من وجود الأدب العربي السوسي منذ العاشر، وأن هناك شعراء سوسيين في البلاط () السعدي إزاء الفشتالي، كما أن هناك آخرين في البلاط الإيليغي يشيدون بقوافيهم ما لا يُشاد إلا بالقوافي من الثناء العطر، والذكرالطيب، فينافحون كما كان ينافح حسَّان بن ثابت شاعر الأنصار، المؤيد بروح القدس.

كما كانت هناك أيضا كما تقدم حلبة أخرى مفلقة استلت شهادة خزيْمة من محمد العالِم للأدباء السوسيين؛ لتمكنهم في اللغة والنحو، يوم تولى الخلافة عن والده في تارودانت، وكما لوحنا أيضا إلى ما نشأ من المدرسة الهوزيوية من اعتناء بالأدب، فهناك ألسنة لسنة حاولت أن تطير بالبيان في مطارات واسعة، هذا كله يفهمه القارئ مما تقدم فيجد من نفسه داعيا حافزا مُلحا إلى أن يُدرك كيف هذا الأدب السوسي.

وما مقدار جزالته، وأين منتهاه في المحافل المختلفة الأذواق، وما هي مكانته من الفصاحة والبلاغة، ونصوع اللفظ، ولطف المعنى، ورشاقة الأسلوب، ثم ما هو سيره منذ انبثق من العاشر، إلى أن يدرك هذا العهد الذي نعيش فيه، أكان دائما في مستوى واحد طوال تلك القرون، أم كان يقع ويرتفع، ويعلو ويسفل، بِحسب الدواعي والبواعث المادية والمشجعات بِمناسبات؟ إننا إن أردنا أن نلقي نظرات على الأدب العربي في هذه الزاوية المغربية، إلقاء من يريد أن يعرف كيف تقلباته بالإجمال، وما هو سيره في مُختلف تلك القرون؛ لا بد أن نقسمه إلى أدوار مُختلفة كما أدانا إليه درسنا للموضوع.

1 - النهضة الأدبية السوسية الأولَى.

2 - زمن الفتور بعدها.

3 - مُحاولة إنعاش الأدب بعد فتوره.

4 - النهضة الأدبية السوسية الثانية.

فبهذه الأقسام الأربعة، وبالإدراك لِمَا يَجمعه كل قسم منها يَخرج الباحث المتتبع وقد عرف ما انتهى إليه علمنا في الموضوع.

[60]

النهضة الأولَى

900 هـ - 1118 هـ

كانت بذور هذه النهضة من بقايا العصور المتقدمة قبل العاشر التي تَحملها الْمَجَالس الدراسية، من الآثار المفلتة من العصر المريني المزدهر بالأدب، فقد رأينا من مشيخة بسوس مِمن لا يظن بِهم أن يهتبلوا بِهذا الفن اهتبال الأدباء الأريحيين الفكهين، آثارا تدلنا على أن ذلك إنّما تسرب إليهم مِمن قبلهم، من غير أن يسووا الأجنحة التي يقتضيها الطيران في ذلك الجو، فقد رأينا من الأستاذ الأديب سيدي علي بن مُحمد التيلكاتي والد الشاعر سعيد الحامدي الشهير أثرا أدبيّا في رسالة يدل على التفوق، وكذلك من الشيخ سيدي مُحمد بن إبراهيم الشيخ التامانارتي ولوعا بِهذه الناحية، يدل عليه بعض رسائله، وأثارة من بقايا خزانته التي زرناها.

وقد علمنا من التاريخ أنه ذو إنشادات يتحين بها الموضوعات التي يتحينها بها من يكون له فكر أدبي، كما علمنا أنه يحث على الكتب الأدبية أمثال المقامات الحريرية، وأنه قيوم على تدريسها، وهي -بلا مرية- لا تكون مدروسة وحدها في هذه الناحية لظواهر أخرى أدركناها من حياته، ومن بيئة ذلك العصر تقتضي انتشار دراسة كتب أدبية أخرى إزاء المقامات، ثم مع ذلك ذو آثار موجودة، وقفنا على بعضها إلى شيخه الحسن بن عثمان التملي، وقد أخذ منا العجب كل مأخذ حينما رأينا ذلك الصوفي يحاول أن يحرر في الترسل الأدبي رسالة () إلى هذا، فعللنا ذلك بأن شيخه كان له المنزع نفسه، فأراد تلميذه أن يطرقه من الباب الذي يولج عليه منه بلا استئذان، وكذلك رأينا من أبي بكر بن أحمد التازولتي التملي أحد تلاميذ ابن عثمان أيضا أدبا جيدا، وتَمكنا في اللغة وترسلا وشعرا، كما رأينا أيضا ما يدل على أن آخرين من أقران هذه الطبقة من الجزوليين سائرون على هذا الذوق، فمن هنا حكمنا بأن بروز هذه النهضة الأولى التي وجدها السعديون فزادوها نشاطا، ورفعوها إلى الأوج، كانت قبلهم في سوس، ولكنها لا ميزة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير