أحد الحداثيين الأتراك الذي تناول السنة على الملأ أثناء إحدى جلسات مؤتمر يحضره ممثلون شعبيون من (78) دولة قام الباحث بالرد عليه على الملأ ثم جرت جلسة حوارية هادئة على هامش المؤتمر ألزم فيها الحجة ببعض المسائل.
وقد استفاد الباحث كثيرا من هذه الرحلات واللقاءات التي تمت عرضا دون ترتيب مسبق، حيث جمع بين محاورة الحداثي من خلال كتابه إلى محاورته شفاها وتبادل الآراء، وقد استمرت العلاقة معهم عبر شبكة الإنترنت بعد العودة .. سوى اللقاء مع بعض الأساتذة المهتمين بدراسة الحداثة من أبناء الخطاب الإسلامي خارج الأردن واستمرار التواصل معهم من أمثال د. محمد الخطيب.
مشكلة الدراسة:
تأتي هذه الدراسة للإجابة عن سؤال مفاده: هل السنة النبوية التي بين أيدينا صالحة لزماننا هذا؟ أم أنها وليدة ظرف زماني انقضى فانقضت صلاحيتها معه؟ هل السنة وحي أم هي تجربة بشرية محضة؟ وهل المنهج النقدي لأهل الحديث قادر على تنقية السنة مما شابها أم هو بحاجة إلى معايير جديدة؟ هل تصلح الأدوات الحداثية النقدية لتطبيقها على السنة؟ وهل من خوف على السنة من تطبيق مناهج النقد الحداثية عليها؟ ما هو موقف الحداثي العربي من السنة النبوية ومن النص عموما؟ وما هو المخفي أو المسكوت عنه من مواقفه تلك؟ هل قول الحداثي وفعله بدعا من القول أم له سابق في التراث؟ .. هذه الأسئلة وغيرها تهدف الدراسة تجليتها والإجابة عنها.
أهمية البحث:
تكمن أهمية هذه الدراسة بالأمور التالية:
1. تناول الحداثيون مسألة السنة بطريقة غير معهودة في السابق مثيرين حولها العديد من الشبهات تطال الأصل المعرفي للسنة من حيث مصدرها وصلاحيتها وديمومتها .. مما يستلزم الوقوف عندها.
2. القول بأن منهج أهل الحديث النقدي لم يصلح لنقد السنة وتنقيتها من الشوائب قديما فهو غير صالح لنقدها حديثا لكونه يعتمد النقد الخارجي للأسانيد بدلا من النقد الداخلي.
3. المناهج والأدوات الحداثية الجديدة التي عمل القوم على تطبيقها على السنة من البنيوية والتاريخية والهرمينيوطيقا والتفكيك .. مما يستوجب تناوله في دراسة علمية لبيانها والوقوف على صلاحيتها.
4. تتعرض السنة لانتقادات شديدة وهجوم لاذع يهدف لإقصائها عن دائرة التأثير والفعل مما ينبغي الوقوف عنده بوضوح واستجلاء.
5. جاءت هذه الدراسة لتقف على الفعل الحداثي وموقفه من السنة وأدواتهم بذلك ودعواتهم التي يدعون إليها والمسوغات التي استندوا إليها .. مما أوجب دراستها دراسة علمية لاستجلائها والوقوف عليها وبيانها بوضوح.
منهجية البحث:
ولقد اتبع الباحث في بحثه منهج الاستقراء التحليلي حيث قام باستقراء آراء الحداثيين ومواقفهم من السنة ثم تحليلها باتباع أدوات التحليل النقدي للنصوص، متبعا في ذلك الأدوات الإسلامية في النقد وكذا الأدوات الحداثية في القراءة والفهم للتمكن من قراءة كلام القوم بلغتهم وأساليبهم الخاصة، ثم قمت بتصنيف هذه المواقف وبيان الرأي فيها من هلال مناقشتها بلغة القوم وبما ترسخ لدى الباحث من معارف خلال سني دراسته للحديث النبوي الشريف وعلومه لدى المسلمين متبعا الحياد العلمي في نقاش الآراء ما وسعه الجهد، محاولا في ذلك أن يحاور الحداثي بلغته ليضيف إلى المكتبة الإسلامية في هذا المجال كتابا يظن الباحث أنها تفتقر إليه بخروجه عن مألوف ما كتب في هذا الموضوع من الباحثين والعلماء المسلمين.
وقد حاول الباحث المزاوجة بين منهج المحدّثين النقدي بمعالجته للرواية بشقيها الداخلي (المتن) والخارجي (السند) وبين مناهج الحداثة وقراءاتها التي اعتمدت على النقد الداخلي للرواية محاولا التعمق في محاورة الحداثيين وفق مناهجهم الخاصة ومناقشتهم وفقها، مع عدم إغفال منهج أالمحدّثين وبيان حال الروايات عندهم، مع إدراك الباحث بأن هذه الأحكام لا تعني الشيء الكثير عند الحداثي الذي لا يثق ابتداءا بمنهج المحدّثين ولا يقول به.
¥