لكن أين قصة نوح وإبراهيم وموسى والمسيح ونحوهم ممن كانت قصته أنه دعا الخلق إلى عبادة الله و حده لا شريك له فكذبوه وآذوه وآذوا من آمن به، فإن هؤلاء أوذوا اختيارا منهم لعبادة الله فعودوا وأوذوا في محبة الله وعبادته باختيارهم؛فإنهم لولا إيمانهم ودعوتهم الخلق إلى عبادة الله لما أوذوا، وهذا بخلاف من أوذي بغير اختياره، كما أخذ يوسف من أبيه بغير اختياره، ولهذا كانت محنة يوسف بالنسوة وامرأة العزيز واختياره السجن على معصية الله أعظم في إيمانه ودرجته عند الله و أجره من صبره على ظلم إخوته له.
و لهذا يعظَّم يوسف بهذا أعظم مما يُعظَّم بذلك، ولهذا قال تعالى فيه {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}) المجموع 17/ 18 - 24.
ثم قال – بعد استطرادٍ آخر – 17/ 31: (و أما قصة نوح و إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم صلوات الله عليهم =فتلك أعظم، و الواقع فيها من الجانبين؛ فما فعلته الأنبياء من الدعوة إلى توحيد الله وعبادته ودينه و إظهار آياته وأمره و نهيه ووعده ووعيده ومجاهدة المكذبين لهم والصبر على أذاهم = هو أعظم عند الله، ولهذا كانوا أفضل من يوسف صلوات الله عليهم أجمعين، و ما صبروا عليه و عنه = أعظم من الذي صبر يوسف عليه وعنه، و عبادتهم لله وطاعتهم و تقواهم وصبرهم بما فعلوه =أعظم من طاعة يوسف و عبادته وتقواه؛ أولئك أولو العزم الذين خصهم الله بالذكر في قوله {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم} و قال تعالى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}، و هم يوم القيامة الذين تطلب منهم الأمم الشفاعة، وبهم أمر خاتم الرسل أن يقتدي في الصبر، فقيل له: {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم} = فقصصهم أحسن من قصة يوسف، ولهذا ثناها الله في القرآن؛ لا سيما قصة موسى.
قال الإمام أحمد بن حنبل: " أحسن أحاديث الأنبياء حديث تكليم الله لموسى.
والمقصود هنا أن قوله: {أحسن القصص} قد قيل: إنه مصدر و قيل: إنه مفعول به، و القولان متلازمان، لكن الصحيح أن القصص مفعول به، و إن كان أصله مصدرا فقد غلب استعماله في المقصوص، كما في لفظ الخبر و النبأ.
و الاستعمال يدل على ذلك - كما تقدم ذكره -وقد اعترف بذلك أهل اللغة. قال الجوهري: " وقد قص عليه الخبر قصصا، والاسم أيضا:القَصص بالفتح وُضع موضع المصدر، حتى صار أغلب عليه.
فقوله {أحسن القصص} كقوله: نخبرك أحسن الخبر، و ننبئك أحسن النبأ، ونحدثك أحسن الحديث .. ) في كلام مهم ينبغي الرجوع إليه كاملا.
ثم قال 17/ 39: (و المقصود هنا أن قوله تعالى {نحن نقص عليك أحسن القصص} المراد: الكلام الذي هو أحسن القصص، وهو عام في كل ما قصه الله،لم يخص به سورةَ يوسف، و لهذا قال {بما أوحينا إليك هذا القرآن}، و لم يقل: بما أوحينا إليك هذه السورة، و الآثار المأثورة في ذلك عن السلف تدلُّ كلُّها على ذلك، و على أنهم كانوا يعتقدون أن القرآن أفضل من سائر الكتب، و هو المراد.
والمراد من هذا حاصلٌ على كل تقدير؛ فسواء كان أحسن القصص مصدر أو مفعولا أو جامعا للأمرين = فهو يدل على أن القرآن وما في القرآن من القصص أحسنُ من غيره، فإنا قد ذكرنا أنهما متلازمان، فأيهما كان أحسن =كان الآخر أحسن.
فتبين أن قوله تعالى {أحسن القصص} كقوله {الله نزل أحسن الحديث}.
والآثار السلفية تدلُّ على ذلك).
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[07 - 03 - 05, 09:28 م]ـ
103 قال الطحاوي: (قال أبو حنيفة و أصحابه: من ترك من المسلمين الصلاة على غير جحودها = لم يكن بذلك مرتدا، و كان مأخوذا بها حتى يصليها.
و قال بعض حفاظ قول مالك: إن من مذهب مالك أن من ترك صلاة متعمدا لغير عذر حتى خرج وقتها فهو مرتد و يقتل، إلا أن يصليها، و هو قول الشافعي) (اختلاف العلماء 4/ 393 - مختصره للجصاص).
و قوة هذا النقل تكمن في المعرفة بحال ناقله، فالطحاوي من أعلم الناس بمذهب الشافعي حيث كان أول أمره شافعيا، على مذهب خاله المزني.
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[08 - 03 - 05, 11:03 ص]ـ
114 - من ردود ابن حزم الشديدة السديدة و المضحكة أحيانا- و ما أكثرها -!!
¥