تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَيَحْمِلُ غَيْرَهُ عَلَى إبَاحَةِ الْفُرُوجِ وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَاسْتِرْقَاقِ الرِّقَابِ وَإِزَالَةِ الْأَمْلَاكِ وَيُصَيِّرُهَا إلَى غَيْرِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدَيْهِ بِقَوْلٍ لَا يَعْرِفُ صِحَّتَهُ وَلَا قَامَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ , وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّ قَائِلَهُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ , وَأَنَّ مُخَالَفَةً فِي ذَلِكَ رُبَّمَا كَانَ الْمُصِيبُ فِيمَا خَالَفَهُ فِيهِ؟ فَإِنْ أَجَازَ الْفَتْوَى لِمَنْ جَهِلَ الْأَصْلَ وَالْمَعْنَى لِحِفْظِهِ الْفُرُوعَ لَزِمَهُ أَنْ يُجِيزَهُ لِلْعَامَّةِ , وَكَفَى بِهَذَا جَهْلًا وَرَدًّا لِلْقُرْآنِ , وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ} وَقَالَ: {أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يُتَبَيَّنْ وَلَمْ يُتَيَقَّنْ فَلَيْسَ بِعِلْمٍ , وَإِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ , وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا وَهُوَ يَعْمَى عَنْهَا كَانَ إثْمُهَا عَلَيْهِ} مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا. قَالَ وَهْبٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ}. قَالَ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي فَسَادِ التَّقْلِيدِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ بْنُ مُسِنَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {إنَّ الْعِلْمَ بَدَأَ غَرِيبًا , وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ , فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ} وَمِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {إنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا , وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ , فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَمَا الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: الَّذِينَ يُحْيُونَ سُنَّتِي وَيُعَلِّمُونَهَا عِبَادَ اللَّهِ} وَكَانَ يُقَالُ: الْعُلَمَاءُ غُرَبَاءُ لِكَثْرَةِ الْجُهَّالِ. ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} قَالَ: بِالْعِلْمِ , وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَرْفَعُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} قَالَ: يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُؤْتَوْا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ. وَرَوَى هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} قَالَ: بِالْعِلْمِ , وَإِذَا كَانَ الْمُقَلِّدُ لَيْسَ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ , وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. فَصْلٌ [نَهَى الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ تَقْلِيدِهِمْ]. وَقَدْ نَهَى الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ تَقْلِيدِهِمْ , وَذَمُّوا مَنْ أَخَذَ أَقْوَالَهُمْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ ; فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ الْعِلْمَ بِلَا حُجَّةٍ كَمَثَلِ حَاطِبِ لَيْلٍ , يَحْمِلُ حُزْمَةَ حَطَبٍ وَفِيهِ أَفْعَى تَلْدَغُهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي , ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيّ فِي أَوَّلِ مُخْتَصَرِهِ: اخْتَصَرَتْ هَذَا مِنْ عِلْمِ الشَّافِعِيِّ , وَمِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ , لِأُقَرِّبَهُ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ , مَعَ إعْلَامِيَّةِ نَهْيِهِ عَنْ تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ لِيَنْظُرَ فِيهِ لِدِينِهِ وَيَحْتَاطُ فِيهِ لِنَفْسِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: قُلْت لِأَحْمَدَ: الْأَوْزَاعِيُّ هُوَ أَتْبَعُ مِنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا تُقَلِّدْ دِينَك أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ , مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ فَخُذْ بِهِ , ثُمَّ التَّابِعِيُّ بَعْدَ الرَّجُلِ فِيهِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير