تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المتعدين لحدود الله ويعينهم على ذلك ويجعل ذلك دينا لا سيما التعظيم لما هو من جنس الفواحش فإن هذا من شأنه إذا كان مباحا ستره أو إخفاؤه وأهله لا يجوز أن يجعلوا من ولاة الأمور ولا يكون لهم نصيب من السلطان بما فيهم من نقص العقل والدين فكيف بمن هو من جنس هؤلاء ممن لعنه الله ورسوله فإن من يعظم القينات المغنيات ويجعل لهن رياسة وحكما لأجل ما يستمع منهن من الغناء وغيره عليه من لعنة الله وغضبه أعظم ممن يؤمر المرأة الحرة ويملكها وقد قال النبي ص لا أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة # فالذي يعظم المخنثين من الرجال ويجعل لهم من الرياسة والأمر على الأمر المحرم ما يجعل هو احق بلعنة الله وغضبه من أولئك فإن غناء الإماء والاستمتاع بهن من جنس المباح وما زال الإماء وغيرهن من

النساء يغنين على عهد النبي ص وأصحابه في الأفراح كالعرس وقدوم الغائب ونحو ذلك بخلاف من يستمعون الغناء من المردان والنساء الأجنبيات ويجتمعون معهم على الفواحش فإنما يكون ذلك من أعظم المحرمات فكيف إذا جعل ذلك من العبادات وقد كتبنا في غير هذا الموضع مما يتعلق بذلك ما لا يحتمله هذا الموضع # الوجه السادس أن رفع الأصوات في الذكر المشروع لا يجوز إلا حيث جاءت به السنة كالأذان والتلبية ونحو ذلك فالسنة للذاكرين والداعين ألا يرفعوا أصواتهم رفعا شديدا كما ثبت في الصحيح عن أبي موسى أنه قال كنا مع رسول الله ص فكنا إذا علونا على شرف كبرنا فارتفعت أصواتنا فقال يا أيها الناس اربعوا على انفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا إن الذي تدعون أقرب إلى احدكم من عنق راحلته # وقد قال تعالى ^ ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ^ [سورة الأعراف 55] وقال عن زكريا ^ إذ نادى ربه نداء خفيا ^ [سورة مريم 3] وقال تعالى واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين [سورة الأعراف 205]

وفي هذه الآثار عن سلف الأمة وأئمتها ما ليس هذا موضعه كما قال الحسن البصري رفع الصوت بالدعاء بدعة وكذلك نص عليه أحمد ابن حنبل وغيره وقال قيس بن عباد وهو من كبار التابعين من أصحاب على عليه السلام روى عنه الحسن البصري قال كانوا يستحبون خفض الصوت عند الذكر وعند الجنائز وعند القتال # وهذه المواطن الثلاثة تطلب النفوس فيها الحركة الشديدة ورفع الصوت عند الذكر والدعاء لما فيه من الحلاوة ومحبة ذكر الله ودعائه وعند الجنائز بالحزن والبكاء وعند القتال بالغضب والحمية ومضرته أكبر من منفعته بل قد يكون ضررا محضا وإن كانت النفس تطلبه كما في حال المصائب # ولهذا قال النبي ص ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية وتبرأ النبي ص من الصالفة والحالقة والشاقة والصالفة التي ترفع صوتها بالمصي

وقال إن الله لا يؤاخذ على دمع العين ولا على حزن القلب ولكن يؤاخذ على هذا وأشار إلى لسانه أو يرحم وقال إن النائحة إذا لم تتب فإنها تلبس يوم القيامة درعا من جرب وسربالا من قطران # وهذه الأحاديث وغيرها في الصحاح ولهذا عظم نهى العلماء عما ابتدع فيها مثل الضرب بالدفوف ونحو ذلك ورأوا تقطيع الدف في الجنازة كما نص عليه أحمد وغيره بخلاف الدف في العرس فإن ذلك مشروع # وأما القتال فالسنة أيضا فيه خفض الصوت ولهذا قال حماس بن قيس بن خالد لامرأته يوم فتح مكة % إنك لو شهدت يوم الخندمة إذ فر صفوان وفر عكرمة % % وأبو يزيد قائم كالموتمه واستقبلهم بالسيوف المسلمة % % يقطعن كل ساعد وجمجمة ضربا فلا يسمع إلا غمغمه % % لهم نهيت خلفنا وهمهمه لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه %

وهذه الدقادق والأبواق التي تشبه قرن اليهود وناقوس النصارى لم تكن تعرف على عهد الخلفاء الراشدين ولا من بعدهم من أمراء المسلمين وإنما حدث في ظني بعض ملوك المشرق من أهل فارس فإنهم أحدثوا في أحوال الإمارة والقتال أمورا كثيرة وانبثت في الأرض لكون ملكهم انتشر حتى ربا في ذلك الصغير وهرم فيها الكبير لا يعرفون غير ذلك بل ينكرون أن يتكلم أحد بخلافه حتى ظن بعض الناس أن ذلك من إحداث عثمان بن عفان وليس كذلك بل ولا فعله عامة الخلفاء والأمراء بعد عثمان رضي الله عنه # ولكن ظهر في الأمة ما أخبر به النبي ص حيث قال لتأخذن مأخذ الأمم قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع قالوا فارس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير